في أو عقب الندوة التي عقدت بجامعة صنعاء حول (الأمن الغذائي في اليمن) يرى بعض من شاركوا فيها أن الأمن الغذائي في اليمن مشكلة لا تستعصي على الحل، ولهم في ذلك آراء وتفسيرات يسودها التفاؤل كثيراً، والأمل بأن نتغلب جميعنا على مشكلة متفاقمة ونامية باستمرار صنعناها بأيدينا ووهبناها عقولنا وسخرنا لها جهودنا ومياهنا، وفي طريقنا الطويل للحفاظ عليها أهديناها أفضل الأراضي، واستوردنا أخطر المبيدات الزراعية والكيماوية عبر الطرق المشروعة وغير المشروعة كالتهريب والبيع والشراء بالمكشوف.. المشكلة الأساسية هي أننا أعمينا أبصارنا وسددنا آذاننا حتى لا نرى هذه الأراضي الخصبة تتعرض لعدوان احتلال القات, وفي المقدمة بعض المسؤولين الذين يتهمهم قسم من المجتمع بأنهم السبب وراء عدم منع المبيدات من الدخول والتداول أو مصادرة ما اتفقوا عليه بعد صدور عدة توصيات محلية وأجنبية بأنه أخطر من الخطر، ويعرفون الأشخاص وخاصة المهربين الذين يجلبون تلك المبيدات حتى من إسرائيل، ولديهم قائمة بالأسواق والمحلات التي كثرت جداً في زمن المنع والتحذيرات. وستبقى المشكلة قائمة ومستعصية على الحل أيها المتفائلون بمستقبل فاضل يضحي فيه المرابي والمخرب والجشع بثروته الطائلة التي حققها بفضل التهريب والمبيدات وزراعة القات على حساب الغذاء من حبوب وفواكه وخضروات، وأدى تصرفه التدميري إلى إتلاف الأشجار وموت الطيور والنحل أو نسبة كبيرة منها. وأقول لكم شخصياً: إن قاع جهران وقاع الحقل ووادي السحول وغيرها من القيعان الواسعة التي غزاها القات بسرعة لن تجدوا فيها بعد سنوات قليلة فداناً واحداً متناثراً مزروعاً بالبطاط والطماطم وكل الخضروات التي كانت تنتجها هذه الوديان، بالإضافة إلى الحبوب وفي مقدمتها القمح والشعير والبقوليات.. فهذه ثلاثة عقود من السنين مرت، كانت كارثة حقيقية بالنسبة للزراعة الغذائية في اليمن أسهم فيها إلى حد بعيد المواطن نفسه الذي يقاوم اليوم أي إجراء أو توعية تحد من زراعة القات واستنزاف المياه, بل إن المزارعين وتجار القات والمبيدات وبائعي وسارقي المياه في سباق يومي كلاً يريد أن يكون أكبر من الثاني في امتلاك الأراضي المزروعة بالقات بالإرث أو الشراء، ولهم في مفاصل الدولة من يحميهم هم والمهربين وتجار السموم، وليس هناك بارقة أمل في استدراك ما بقي وحمايته، ومن ثم العمل بكل الوسائل المقنعة لغسل الأدمغة بالمياه النقية التي تضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار.