يقال في المثل الشعبي «إذا شبع الحمار باق» أي تمرد وانقلب على صاحبه وتقاعس عن العمل حتى إذا جُلد أو ضُرب بالعصي رجع إلى صوابه وانقاد لمشيئة صاحبه.. ولعل هذا المثل ينطبق إلى حد بعيد على تلك الثلة الإجرامية من عصابات التمرد والعصيان وقوى الردة والانفصال, التي بالأمس القريب جعلت المواطنين يقضون جل وقتهم في صفوف وطوابير طويلة أمام مخازن القمح والحبوب والمواد الغذائية التابعة لأنظمة ما قبل الوحدة اليمنية المباركة, وذلك للحصول على ما يسدُّ رمقهم من حبوب القمح والأرز وعلب الزيت والفول المدمس, والتي تكاد تكفي لأسبوع واحد فقط. وكان السبب في ذلك هو علم ومعرفة قادة الحزب الحاكم آنذاك بالأساليب الفاعلة والناجعة, التي يمكن التعامل بها مع تلك الجماعات من البشر, التي يغلب عليها طابع الغدر والخيانة ونكران الجميل والإحسان ومقابلته بالشر والعدوان, والمعرفة التامة بأنها لو شبعت وتوفرت لها متطلبات الحياة الكريمة لأكثر من أسبوع لعصت وتمردت وانقلبت على النظام وتحولت إلى وحوش مفترسة أو كلاب مسعورة لا تتردد لحظة واحدة في الانقضاض على من حولها, وإن كانت الأيادي التي أمدتها بالغذاء؛ لأن هذه هي سماتها وطباعها وعاداتها, التي جُبلت عليها ولن يجدي معها أي تعامل إنساني أو حضاري, كما هو حاصل اليوم من قبل حكومة ودولة الوحدة المباركة التي تعمل على توفير كافة السلع والخدمات والمواد الغذائية بأنواعها وتمكين المواطن من الحصول على ما يكفيه منها بأسهل الطرق وبأقل جهد وفي أي وقت دون حاجة للوقوف في طوابير طويلة للحصول عليها, كما كان سائداً خلال العهد الشمولي قبل تحقيق الوحدة, والذي كان يعتمد هذه الأساليب المهينة انطلاقاً من المبدأ القائل “جوِّع كلبك يتبعك”. ولعل الشعب اليمني لم يلمس هذه الحقيقة إلا من خلال ما تقوم به اليوم بعض الجماعات المغرر بها من عصابات الردة والانفصال من أعمال تخريبية واعتداءات واغتيالات ونصب الكمائن وقطع الطرقات وحرق ومصادرة الممتلكات الخاصة, ونهب وتدمير وتخريب الممتلكات والمرافق والمصالح العامة وترويع الآمنين وإخافة السبيل وزعزعة الأمن والاستقرار, وغير ذلك من الأعمال الإجرامية والإرهابية في بعض مديريات المحافظات الجنوبية, كما لو كانت بذلك تعض يد الخير والبر والإحسان لدولة الوحدة, التي أبت إلا أن تبذل كل الجهود لتوفير كافة وسائل وسبل العيش الكريم لكل مواطن ومواطنة في شمال الوطن وجنوبه على السواء, ونبذ وسائل وأساليب القمع والتخويف والإذلال, التي كانت تمارس ضده خلال عهدي الإمامة والاستعمار, وما حملته من صنوف الاستبداد والتسلط والجبروت, وبالذات في المحافظات الجنوبية, التي تعرّض فيها المواطن لشتى أنواع القهر والبطش والمصادرة للكرامات والأعراض والحريات والتصفيات الجسدية والاغتيالات السرية والعلنية على مستوى كل محافظة وعزلة ومديرية إلى أن كتب الله لها النجاة والتحرر والانعتاق والخلاص من تلك الممارسات الجائرة, بقيام دولة الوحدة المباركة, التي كفلت الحقوق والحريات وتوفير الأمن والاستقرار والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وضمان العيش الكريم لكل مواطن وتوفير متطلباته الأساسية من المأكل والمشرب والملبس والغذاء والدواء والتعليم والصحة والمشاركة في الحكم واتخاذ القرار وحرية التعبير عن الرأي والرأي الآخر في إطار الخطوط التي كفلها الدستور والأنظمة والقوانين النافذة. لذلك وبالرغم مما تقوم به تلك الجماعات الضالة من العصابات المأجورة ومن يقودها ويساندها من الخونة والعملاء والمرتزقة, الذين باعوا أوطانهم وضمائرهم ودنسوا أيديهم وجيوبهم وخزائنهم بالمال الحرام, فإن ذلك لم ولن ينسحب على باقي المواطنين الشرفاء من أبناء المحافظات الجنوبية, الذين يؤكدون دوماً استنكارهم وشجبهم لتلك العصابات ووقوفهم إلى جانب الشرعية الوطنية في ملاحقتها لتلك الثلة المجرمة من المتمردين والانفصاليين الذين لا يعبرون إلا عن أنفسهم ونزعاتهم الشيطانية وأعمالهم الإجرامية هم وأعوانهم من الذين انكسرت شوكتهم وسقطت هاماتهم وذابت مصالحهم الشخصية ومشاريعهم الضيقة بقيام دولة الوحدة المباركة, التي قضت وإلى الأبد على كل مظاهر الاستغلال والاستبداد والتسلط والسلب والنهب لحقوق المواطن وحريته وكرامته, التي كانت تمارس من قبل أولئك الحاقدين والذين لم يجدوا وسيلة لاستعادة ماضيهم الأسود إلا من خلال التغرير بعقول بعض الشباب وتحويلهم إلى عصابات مأجورة للتخريب والتدمير والمناداة بالانفصال وممارسة الكثير من الأعمال الإرهابية والإجرامية في حق وطنهم وشعبهم. ومع ذلك ومهما امتدت أيادي الغدر والخيانة والعدوان لعصابات الردة والانفصال ومن يساندها من خلايا تنظيم القاعدة الإرهابية, التي أقدمت على إزهاق أرواح كثير من المواطنين الأبرياء وسفك دماء العديد من أفراد وأبناء القوات المسلحة والأمن, وهم يؤدون واجبهم الوطني لحراسة وحماية الوطن والمواطن, فإن تلك العصابات لن تفلت من العقاب ولن تتاح لها الفرصة لمواصلة ممارساتها العدوانية وأعمالها الإجرامية, وستصل إليها يد العدالة إما آجلاً أو عاجلاً لتنال عقابها الرادع وجزاءها الصارم شأنها شأن كل المجرمين والعملاء والخونة, الذين سقطوا وحوكموا ونالوا جزاءهم، فها هي قواتنا المسلحة بالمرصاد لكل الخونة والعملاء حتى يتم القضاء أو القبض عليها بتعاون الشرفاء المخلصين من أبناء الوطن في المحافظات الجنوبية..وليعلم كل فرد من المغرر بهم في عصابات الردة والانفصال, وما يسمى بعناصر الحراك أن ليس أمامهم من سبيل للتحرر والخلاص من التشرد والضياع, الذي أصبحوا فيه والتحرر من أغلال وقيود سلاطين الحراك إلا بالرجوع عن غيهم وضلالهم والمبادرة الطوعية إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم قبل أن يلقوا مصير من سبقوهم وإعلان التوبة عما اقترفوه من جرائم في حق الوطن, لتخفيف ما قد يصدر في حقهم من أحكام قضائية, كما أن عليهم أن يفكروا ويتأملوا ويحاسبوا أنفسهم عما يرتكبونه من الأعمال الإجرامية, التي يقومون بها ضد الشعب والوطن ولصالح من؟ ولماذا؟ وفي سبيل من؟ وألا ينصاعوا لدعوات ونداءات قادة الحراك الانفصاليين؛ لأنهم هم العدو الأول للشعب والوطن وإلا فماذا قدموا لهذا الوطن ولماذا يسعون إلى تدميره وتشطيره والعبث به؟! وليسأل كل مغرر به نفسه: لماذا يحارب النظام الذي حقق الوحدة ونشر الأمن والسلام وزرع الحب والوئام وأعاد الحقوق والممتلكات المؤممة, وأقام العديد من المشاريع الإنمائية والاستثمارية اللازمة لتوفير فرص العمل والعيش الكريم لشباب الوطن في المحافظات الجنوبية, الذين حُرموا من أي نوع من العمل أو الاستثمار أو التملك لأي حق من الحقوق, والذين ظلوا لسنوات عديدة عبيداً وأسرى لأولئك المتنفذين والسلاطين الذين ينادون اليوم بالانفصال. ولتسأل تلك العصابات الانفصالية نفسها عن أسباب وقوفها لمحاربة النظام الوحدوي الذي ساوى بين كل المواطنين في الحقوق والواجبات, منذ اليوم الأول لتحقيق الوحدة, وبادر إلى القيام بصرف كافة حقوق ومرتبات موظفي الأجهزة والدوائر الحكومية, التي عجز النظام الشمولي عن صرفها لعدة سنوات ماضية, وما الذي ستجنيه تلك العصابات من محاربتها لدولة الوحدة, وهي التي ضمنت الحياة الكريمة للمواطن والموظف الذي طُرد من وظيفته والذي فُصل منها لأسباب سياسية أو حزبية, والذين ظلوا في غياهب السجون والمعتقلات السياسية للحزب والسلاطين لسنوات عديدة من خلال إعادة من رغب منهم إلى الوظيفة العامة وإحالة من بلغ أحد الأجلين إلى المعاش التقاعدي بعد صرف مستحقاتهم من العلاوات والمكافآت والتسويات لكافة موظفي الجهاز الإداري والاقتصادي وأفراد السلك العسكري من أبناء المحافظات الجنوبية, والتي تجاوزت مئات المليارات من الريالات. لماذا المناداة بالانفصال عن دولة الوحدة؟ وهي التي سخرت وأنفقت مليارات الدولارات لبناء الطرق والجسور والمدارس والمستشفيات والجامعات والمراكز والمعاهد التعليمية بمختلف أنواعها ومراحلها في ربوع المحافظات الجنوبية, وتنفيذ العديد من مشاريع الكهرباء والمياه والصرف الصحي وإعادة تأهيل وتحديث الموانىء,والمطارات القديمة, وبناء العديد من الموانىء والمطارات الحديثة والاهتمام بالصيادين وإنشاء العديد من المؤسسات ومراكز الخدمات والتسويق الزراعي والسمكي, وتحويل عدن إلى عاصمة تجارية وصناعية ومنطقة حرة للتبادل التجاري والصناعي والاقتصادي مع مختلف دول العالم, في الوقت الذي لم تكن تشهد فيه عدن وبقية المحافظات الجنوبية أي مشروع لبناء مدرسة أو جامعة أو مستشفى من قبل الأنظمة التي حكمت تلك المحافظات لعدة عقود منذ قيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م. على مواطني المحافظات الجنوبية أن يدركوا جيداً أن النظام الشمولي الذي فرض عليهم الجمود والخمول والتمسك بالشعارات الزائفة والوهمية لم يحقق أدنى مقومات الحياة الكريمة للمواطن, والذي ترتب عليه تسخير كل مكاسب البلاد وخيراتها للحزب وقادته, الذين ينادون اليوم بالانفصال والعودة بجنوب الوطن إلى ما كان عليه من الفقر والجهل والمرض والظلم والاضطهاد الاجتماعي والحزبي والسياسي من خلال غسل أدمغة مجموعة من الشباب والمغرر بهم, الذين يستخدمونهم ككبش فداء لتحقيق غاياتهم الدنيئة لتمزيق الوطن وتشطيره بعد أن فشلت محاولاتهم اليائسة في صيف 1994م وهروبهم على إثرها للتسول والاستجداء السياسي في الكثير من الدول, التي لم يجدوا منها سوى السخرية والاحتقار لدعواتهم الانفصالية وخيانتهم لشعبهم ووطنهم, وهذا هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع كل خائن وعميل لوطنه وشعبه فلا نامت أعين الجبناء والرحمة والخلود للشهداء وعاش اليمن واحداً موحداً حتى يرث الله الأرض ومن عليها.