نزلت إلى الأسواق في الدول الصناعية نماذج من السيارات تعمل بالكهرباء بغرض التجربة والترويج، ومنها ما أصبح بصورة رسمية ضمن الوسائط التي يتسابق عليها الأثرياء من أصحاب الملايين إلى المليارات من اليورو والدولار، ورأيناها وهي تتزود بالكهرباء من محطات خاصة بما تحتاج بحسب المسافة التي ستقطعها، أو طاقة البطارية التي حلت محل خزانات الوقود. غير أن هناك الآن أنواعاً من الوقود صديقة البيئة تستخلص من قصب السكر ومن الذرة والقمح والنفايات، وتتفاوت درجاتها ونقاوتها بحسب نوعية المادة أو المصدر الذي يستخرج منه أي نوع من الوقود، ولم يعد هذا الأمر خيالاً بل حقيقة واقعة الآن أو في المستقبل. ومع اتساع نطاق استخراج هذه الأنواع من الوقود - الذي بذل العلماء أقصى جهودهم على مدى سنوات تمتد من السبعينيات - فقد سمعنا أن الدول الصناعية طلبت من علمائها البحث عن بدائل للبترول العربي الذي ارتفع سعره فيها بسبب حظر تصديره إليها، أي الولاياتالمتحدة ودول الغرب، عندما اندلعت حرب 67 التي احتلت إسرائيل فيها سيناء مع قناة السويس والضفة الغربية ومرتفعات الجولان بدعم مباشر وكثيف عسكريًا وماديًا ودبلوماسيًا من تلك الدول للدولة المعتدية. وفي حرب 73 كان العرب على قلب رجل واحد في معاقبة تلك الدول بصورة شاملة وفعالة، مما سبب أزمة خانقة فيها، فلجأت إلى الدبلوماسية الماكرة التي قادها وزير خارجية أمريكا حينذاك هنري كيسنجر، وأدت إلى ما عرفنا من انفلاق كلمة العرب إلى عدة محاور وآراء، أفدحها قيام أنور السادات بزيارة إسرائيل والاعتراف بها، فما كان من بقية الدول العربية باستثناء الأردن إلا أن قررت نقل مقر الجامعة العربية إلى تونس. وتقدم الملك فيصل والرئيس بومدين وأمير الكويت سالم الصباح وأحمد حسن البكر وزايد بن سلطان وأمير قطر خليفة آل ثاني وبقية الدول العربية بالمعارضة لتلك الخطوة الساداتية لفترة وجيزة، قبل أن يتمكن كيسنجر من جرها إلى معسكرين موافقة ومعارضة لأي تفاوض أو اعتراف بإسرائيل ما لم تبدأ بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها وإعادة اللاجئين وقيام الدولة الفلسطينية. ومن حينه كان البترول سلاحًا ذي حدين أخطره ذبح العرب من الوريد إلى الوريد من خلال اصطناع الأزمات الاقتصادية والتجارية والزراعية وتحويل أنظار وجهود الشعوب العربية لمعالجة همومها المعيشية اليومية، تاركة الأرض تتصحر وتبور والمياه تذهب إلى البحر وربط مصيرهم الغذائي بما تصدره إليهم تلك الدول التي عملت بدون كلل وبالتزامن مع حصارها الاقتصادي وانتشارها العسكري على إيجاد حلول لأزمات الوقود حتى وصلت الآن إلى مرحلة ما قبل الاستغناء عن البترول والديزل الذي يحرك محطاتها الكهربائية العملاقة لإنتاج ما يكفي لحركة المواصلات والمصانع والمزارع والمساكن، وليس مستبعداً أن تردم آبار البترول لعدم قدرة الكوادر على تشغيلها والأموال على استمراريتها أن تستورد الطاقة منها، اللهم إلا اليسير من الطاقة الشمسية وبتكاليف عالية؛ كوننا لا نستطيع إنتاج الألواح الشمسية.