يعيب الدكتور ياسين سعيد نعمان – أمين عام الحزب الاشتراكي – على المحتجين على وجود قيادات اشتراكية في صفوف الحراك الانفصالي، ويعد استنكارهم ضرباً من الجهل السياسي لأن الحراك ليس حزباً ليحرّم على المتحزبين الآخرين الانضمام إليه، وإنما هو حركة احتجاجية شعبية – على حد وصفه. يبدو أن الدكتور نعمان من خلال طول ممارسته للعمل السياسي تحت مظلة المشترك سها عن بعض أدبيات العمل الحزبي فلم يتذكر أن التعددية الحزبية لا تعني تعددية مقرات أو بطائق انتماء أو مسميات وإنما تعددية عقائد فكرية ورؤى عمل سياسي وبرامج، وبالتالي ما يميز الاشتراكيين على الإصلاحيين أو المؤتمريين هو عقيدتهم الفكرية وفلسفتهم في العمل السياسي فكيف إذن أجاز الدكتور لأعضاء حزب وحدوي يمني العمل في صفوف تيار أو جماعة لا تؤمن بالوحدة ولا بالهوية اليمنية وترفع شعار الجنوب العربي وتتهم حزبه بأنه وراء إلحاق الجنوب باليمن. خلال الأيام القليلة الماضية نظمت مجاميع معظمهم من أعضاء أحزاب اللقاء المشترك تظاهرات واعتصامات في صنعاء وتعز .. قلدوا فيها (شباب ميدان التحرير) في مصر لدرجة أنهم غيّروا تسمية شارع التحرير بتعر إلى (ميدان) وادعوا أنهم ضد السلطة والمعارضة على حد سواء في الوقت الذي غالبيتهم العظمى من المشترك، وقد كانت مفارقة غريبة أن يتزامن تصعيد حراك الشارع مع المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه المشترك ترحيبه بمبادرة الرئيس والحوار الشامل. إن هذا التناقض الغريب للغاية في ممارسة العمل الحزبي التعددي إن لم يتم تداركه عاجلاً وليس آجلاً فهو ليس إلا قراراً بهلاك اليمن, طالما وأن الأحزاب تبيح لأعضائها حق ممارسة الفوضى بمسميات أخرى، ولا تمانع بأن يكونوا وحدويين صباحاً وانفصاليين مساءً طالما عملهم من أجل تمزيق اليمن وغرس ثقافة الكراهية يتم خارج مقرات الحزبية وتحت مسمى الحراك مثلما لا تمانع أيضاً أن تتحدث صباحاً بلغة الديمقراطية والإحساس بخطورة انزلاق البلد في الفوضى فيما تدفع قواعدها مساءً إلى الشوارع لإعلان الانقلاب على الديمقراطية والسعي لانتزاع الحكم بقوة الفوضى والشغب. دعونا من الضحك على أنفسنا والشارع بمغالطات لم تعد تنطلي على أكثر اليمنيين جهلاً، فليس من يمني إلا ويعرف أن الحشود المتجمهرة في ميدان التحرير بصنعاء المناصرة للحزب الحاكم تكلف المؤتمر مبالغ كبيرة. ومهما غيّر المؤتمريون أو المعارضون مسمياتهم ومبررات تجمهرهم فإن المواطن اليمني يعرف في سريرة نفسه أن هؤلاء تنفق عليهم الأحزاب ولا يتحملون تكاليف حتى وجبة فطورهم والقلم الذي يكتبون به شعاراتهم لهذا يتساءل المواطن اليمني: إلى متى نبقى نضحك على أنفسنا ؟ إلى متى يبقى الناس قلقين وخائفين على الوطن ؟ إلى متى يبقى أصحاب المحلات والمصالح يغلقون أبواب رزقهم كلما حان موعد التظاهر ؟ إلى متى يبقى البلد مشغولاً بالصراع الحزبي رغم كل التحديات والأوضاع القاسية التي يكابدها الشعب. إن ما يحدث ليس سياسة، ولا عملاً ديمقراطياً ويفتقر لأبسط المشاعر الوطنية الصادقة، فالأمور كلها تتجه نحو التصعيد اللامسئول وإن كان ثمة من يعتقد أن مشاهد الصدامات بين أنصار الحاكم والمعارضة، والتي تفطر القلوب بالأسى ، قد تراجع فهو واهم لأننا نراها بأم أعيننا تزداد حدةً وتتجه إلى الانفلات من قبضة جميع الأطراف السياسية، حاكماً ومعارضة، وحينها لن يكون بوسع أحد اتخاذ أي قرار لأيقاف الفتنة الأهلية. لقد آن أوان المجتمع المدني والمشائخ والعقال والعلماء والأئمة للتدخل بقوة لوقف الفوضى وإخماد نيران الفتنة وانتزاع الوطن من بين مخالب الحزبية وحشود المراهقين المدفوعين بعنفوان طيشهم دون تقدير العواقب الوخيمة .. كفى الله اليمن شرها.