من المؤسف حقاً أن نرى البعض من الداعين لإسقاط النظام السياسي ومن يقف وراءهم من أحزاب اللقاء المشترك يقومون بتأجيج الشارع اليمني عبر التحريض المستمر والمصحوب بإطلاق مسميات مسيئة، ندينها ونستنكر كل من يقف وراءها، لما تحمله من نفس فوضوي تخريبي وتدميري يؤثر بالمطلق على الأمن والسلم الاجتماعي. هذه الثقافة الأخبث نفساً تندرج في إطار المدلول العام والشامل للكراهية التي نمقتها ونمقت أصحابها وكل من يروّج لها ويساعد على ترويجها. ثقافة تدميرية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى تستهدف فئة لها حجمها ووجودها في الشارع الوطني والسياسي إن لم يكن كل أبناء المجتمع، وتسعى وراء إحداث بلبلة لا نطاق أو حدود لها، وتنطلق اليوم بقوة لتصاحب المطالب الضيقة بإسقاط النظام والقفز على المطالب العامة من أبناء الشعب المصرة على إصلاح النظام. لسنا ضد المطالب المرفوعة لإحداث التغيير وتنقية الوطن من عناصر الفساد وأشكاله وألوانه كافة، بل نحن مع هذه المطالب ونصر عليها على طريق بناء الدولة اليمنية الحديثة، دولة النظام والقانون.. دون القفز عليها بمطالب قد تؤدي إلى إشاعة الفوضى وتعميم الخراب لاسيما بعد النظر بمسؤولية إلى واقعنا المعيش. لسنا ضد الإصلاح بالمطلق، أو ضد التغيير إلى الأفضل والأحسن، بل نحن أول ما نؤكد إحداثه، ودائماً نطالب بذلك في كتاباتنا هنا أو هناك، ولكنا ضد ثقافة «البلطجة» التي يروّج لها اليوم هذا أو ذاك من دعاة التغيير العام والشامل للنظام واتسعت وتوسعت حتى أصبحت تطلق وتلصق بسهولة ضد من يخالفهم في الرأي أو من يؤدي لهم النصيحة ويدعوهم إلى تحكيم العقل ويؤكد لهم أن مطالبهم تلك ليست من الديمقراطية في شيء أو أنها تأتي في إطار التداول السلمي للسلطة، كما أنها مجافية لواقعنا الملغم والموسوم بالسلاح والعصبية المقيتة التي لا يحسدنا عليها أية دولة أو مجتمع من المجتمعات الأخرى!!. نحن مجتمع مختلف في بنيته السياسية والاجتماعية وفي ثقافته أيضاً، ومازلنا محدودي البصر والبصيرة، ولا ينبغي علينا تقليد الآخر المختلف عنا في كل شيء، حتى في الأوضاع الاقتصادية، فما بالنا نقفز على واقعنا، ونبحث بأيدينا عن الإضرار بالوطن وتخريب أمننا وسلامنا الاجتماعي تحت مسمى أو رفع راية التغيير «الثوري» والجري وراء إشعال الحرائق التي لن يسلم منها أياً كان إن اشتعلت، وكاذب من يقول غير ذلك. الضرر الذي سيلحق بنا لو اشتدت الخطوب والملمات وابتعدنا عن العقلانية لن يكون مكتوباً من عند الله أو قضاء وقدراً كما سيذهب البعض لقول ذلك بأسف وحسرة، بل نحن جميع أبناء الوطن بفئاته المختلفة من سيتحمل المسؤولية، وكاذب ألف مرة من سيُحمل طرفاً أو شخصاً دون الآخرين. فهل نجنح للسلم ونناقش قضايانا بمسؤولية بعيداً عن الاتهامات المتبادلة, أم نصر على الجري وراء الفتنة الملعونة ونستمر في الترويج لهذه الثقافة المدانة والمرفوضة من كل أبناء الشعب؟!. أضع هذا السؤال على طاولة قيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية جميعاً، وعلى طاولة مشائخ وعلماء الأمة، وعلى طاولة كل العقلاء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين، علَّهم يسهمون في وضع الحلول والمعالجات التي تقينا الوقوع في فتنة محرقة لا تبقي ولا تذر. [email protected]