لقد سحبت الأحداث الأخيرة في الوطن العربي: تونس، مصر، ليبيا، سحبت البساط والأنظار من القضية الفلسطينية ولهذا فقد كان الفيتو الأمريكي الأخير صفعة في وجوه الداعين والداعمين للسلام الموهوم ووقعت السلطة الفلسطينية في حيص بيص, فقررت اللجوء إلى الشعب كما قالوا وعمل انتخابات, وهي خطوة لو تمت لكانت كارثة جديدة من كوارث سياسة السلام؛ فكيف والأشقاء الأعداء في قطيعة ويزيد منها أكثر؛ تمسك كلٍ بوجهة نظره، ولكن ربما كان ينطبق قوله تعالى (فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ) فقد كان النظام الراحل في مصر سبباً في كثير من البلاوي للقضية, فقد أصر على ورقته بشأن التصالح وحاول فرضها على الجميع كما أن حصاراً كان يمارس على غزة على خلفية هذه الورقة لإجبار الطرف الآخر على رفع الراية البيضاء خدمةً لإسرائيل التي تعمل على قدم وساق على تهويد القدس وبدعم وغطاء أمريكي. لقد تصنع البعض الدهشة من الموقف الأمريكي والفيتو الأخير وكأنهم لا يعلمون, وزاد الطين بلة انكشاف الوثائق التي سُربت من مكتب المفاوض الفلسطيني وهي وثائق دلت على مدى الحمق والضعف في مواجهة المفاوض الإسرائيلي. لم ينزعج أحد من الأحداث الأخيرة في الوطن العربي كما انزعجت إسرائيل فقد آلمها جداً أن يستيقظ العملاق وهي الآن تعيد حساباتها واستراتيجياتها، لقد كان من المؤكد أنها كانت تنوي خوض حرب جديدة ضد لبنان وربما سوريا ولكن الأحداث الأخيرة أوقفت المخطط وقد جاءت تصريحاتها باعتبار مرور بارجتين إيرانيتين في قناة السويس عملاً استفزازياً وكان ذلك عبارة عن اختبار للقيادة الجديدة في مصر وهل سترضخ كما كان في السابق ولكن نجحت القيادة المصرية في الاختبار وفشلت إسرائيل في فرض وصاية من جديد على أعظم دولة عربية. الآن يجب الحذر من أي خطوة باتجاه ما يسمى بمحادثات السلام فإن إسرائيل متلهفة إلى التوقيع على أي شيء الآن. وعلى الفلسطينيين أن يركزوا أولاً على وحدة الصف الفلسطيني والتصالح .. والأحداث الأخيرة قد تكون خيراً لهم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.