المطالبة بالملكيات الدستورية سرت في الأدبيات السياسية العربية منذ أمد بعيد، لكن الأنظمة الجمهورية التي انبرت بوصفها مشروعاً تغيير راديكالياً للأنظمة الملكية سرعان ما أعادت إنتاج أسوأ السيئات في البُنى التاريخية الاتوقراطية، فإذا بالجمهوريات تبدو كما لو أنها نسخة اكروباتية لملكيات لاشرعية لها في أفق الاحتساب للشرعية النابعة من فقه التاريخ. لقد وجد الجميع أنفسهم، وعلى حين غفلة من الدهر.. وجدوا أنفسهم أمام جمهوريات لا تحمل من مضمون الجمهورية إلا اسمها، ومن تقاليدها سوى رسمها،حتى استتب الأمر لرؤساء تميد بهم الارض ، وتحاصرهم شعارات أبعد ماتكون عن الأدبيات التي نالوا بواسطتها شرعيتهم. في هذا المربع تساوى الطرفان، فالحاكميات التاريخية المُتجهّمة تعززت بفضل اخفاقات الجهوريات الشكلية، والجمهوريات المستبدة أصبحت تتناسب مع الموروث من تواريخ الظلامات، فإذابالمحفل والمحتفلون يتموْضعون في ذات المجد الواهم، فاستمرأوا السير على درب التنافي العدمي، وصولاً إلى تجفيف منابع الكرامة الآدمية . تلك هي محنة النظام العربي بجملته ، والجمهوريات منها على وجه التحديد، ولقد عادت الأمور أدراجها لنجد أنفسنا أمام الحيرة الأولى، ولنتساءل : ماعلاقة الجمهوريات العربية الماثلة بالنظام الجمهوري الذي يستمد شرعيته من التداول السلمي للسُلطة، ويُلغي فقه الحاكمية التاريخية، ويقول بوحدة المصالح وتنوُّع أنساقها الفاعلة في أساس المشاركة الشعبية وتداعياتها الوامضة في المستقبل ؟ [email protected]