كان الشهر الماضي كفيلاً بكشف أوراقٍ كانت مستورة على مدى سنوات وتناقضات لا تسر عدواً ولا صديقاً, فالجميع يسمع ويرى تقلبات عدد من السياسيين من خلال تصريحاتهم ونكرانهم للجميل واستعداء الطرف الآخر بصورة لا تليق بشعب الحكمة ولا إلى من ينتمي إلى هذا الوطن، وأثبتوا أنهم سياسيون لا ينظرون إلاّ إلى أدواتهم فقط، ولا يقيسون حجم الشارع، بل يعمدون إلى مصادرة إرادة الآخرين، فكيف يريدون أن يقودوا البلاد وهم إقصائيون إلى هذه الدرجة؟ ومن خلال كل ذلك يتضح جلياً أن العملية الديمقراطية بحاجة إلى مراجعة متأنية فالكثير من القياديين بدوا أنهم يحنّون إلى ماضي الانقلابات وأن هذه الديمقراطية ليست سوى شعارات يرددونها متى ما شاءوا. لا أريد أن أغوص كثيراً في هذه المشاهد التي تجعلنا ننظر للمستقبل بخوف كبير فقد أضحى الواقعُ مُراً ومؤلماً نتيجة هذه التناقضات والسياسات والكذب المفضوح الذي يدعيه البعض والتقلبات في التصريحات والمواقف. وتساقط المزايدون الذين لم تصح ضمائرُهم إلاّ اليوم كأحجار الدومينو بعد أن احتلبوا بقرة الدولة عشرات السنوات فاثبتوا أنه ينطبق عليهم قول عمرو بن العاص “ورجالهم مع من غلب”، ومع ذلك كله لا تزال آمالُنا معقودةً على رب السموات والأرض الرحمن الرحيم الذي سيلطفُ بالفقراء والضعفاء والأرامل والمساكين الذين لا جنود يحمون مساكنهم، ولا أموال مكدسة تسد رمقهم، وكذلك على عقلاء هذه البلاد وعلمائها في إحقاق الحق وإبطال الباطل وإعادة الأمور إلى نصابها. ليس لدينا شخصياً ما نخشى عليه فلا عقارات ولا مؤسسات أو شركات، لكننا نؤمنُ بحديث المصطفى عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام: « إن هدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم » وهو الحديث الذي يتذكره البعض فقط عندما يريدون، ويستحضرونه حيثما يريدون ويتناسونه كذلك عند ما لا يتوافق مع أهوائهم وسياساتهم. نحن متفقون مع الجميع أن الفساد ينخر في جميع مفاصل الدولة وأن مطلبنا الأول والأخير هو القضاء عليه واستئصال شأفته، وبناء الدولة على أساس عصري وحضاري يتوافق مع المتطلبات والآمال.. لكننا نستغرب ممن يريدون جرجرة هذه البلاد إلى محرقة الفتنة وهاوية الضياع بسبب خلافاتهم مع الحزب الحاكم الذي علمهم الرماية حتى اشتدت سواعدهم ليردوا الجميل بهذه الصورة. يا عقلاء اليمن: ها أنتم تشاهدون ما يجري في ليبيا من إزهاق للأرواح وتدمير للممتلكات، وخلق ذرائع للتدخل الأجنبي الذي بدأت بوارجه بالوصول إلى المياه الإقليمية القريبة من الشواطئ الليبية، على الرغم من اختلاف الحالة بيننا وبينهم إلى حد كبير . فهل يرضيكم أن تغرق البلد في بحر من الدماء؟ وهل هناك كفرٌ بواحٌ صدر عن هذا النظام حتى يتوجب علينا جميعاً الخروج عليه؟؟ أرجو الله أن يعيد لنا عقولنا إن كان قد سلبها منّا قبل فوات الأوان. [email protected]