واجه النظام الدولي ومازال يواجه مأزقاً أخلاقياً متفاقماً، وهذا المأزق يتفاقم كلما واجه العالم عصفاً سياسياً، كالحادث الآن في العالم العربي، ولعل الحالة الليبية خير مثال لهذا المأزق الأخلاقي، فقد تراوحت مواقف الغرب السياسي تجاه نظام القذافي على مدى عقود من المحن، فكان الرضا والقبول سيد الموقف، بمقابل التحرك العسكري المقرون بإرادة سياسة دولية من نصيب النظام عندما قام بفعلته الشنيعة المتمثلة بإسقاط طائرة لوكيربي . خلال عقود المتاهات والتجاوزات الشائنة للنظام الليبي كان الموقف مختلفاً عن أمر لوكيربي، وكأنما آلاف القتلى من أبناء الشعب الليبي والعرب والأفارقة لا قيمة لهم في شرعة النظام الدولي المُجيّر على النموذج الأمريكي، فيما تصبح المسائل مختلفة جداً عندما تطال جرائم القذافي مئات الركاب الأقحاح من أوروبا وأمريكا، وعلى هذا الأساس سنقدم تباعاً مختصراً لتجاوزات النظام الليبي لنرصد معاً ردود أفعال الغرب السياسي وعلى رأسها الولاياتالمتحدة . خلال فترة الحرب الباردة كان توازن الرعب بمثابة صمام أمان أمام منطق الاختيار البراغماتي في التدخلات العسكرية وغير العسكرية، لكننا الآن بصدد حالة مفارقة لنواميس المنطق والقوانين التي تشهر عادة في وجه الفاقد لما يقدمه للغير، وهكذا يستفيد نظام الدكتاتور من آبار النفط الليبي ، ويشهر السلاح الثقيل بوجه شعبه دون خشية من العالم. [email protected]