عندما كان نظام القذافي يمارس أسوأ أنواع العنف الجسدي والنفسي تجاه مواطنيه اكتفى الغرب بالإدانات اللفظية، بل التوصيف الإجرائي للنظام بوصفه نظاماً مستبداً، وكأن هذا الوصف يلغي جرائم النظام، غير أن هذا الوصف كان ينحسر كلما تزايدت العقود المليارية، وكانت براغماتية «دعه يسير .. دعه يمر» سيدة الموقف. أثناء التدخلات المتكررة السافرة لنظام القذافي في سلسلة واسعة من القضايا الساخنة عربياً وإقليمياً، وبمنطق التخريب وزيادة الاشتعالات، واعتماد مبدأ توريط أمراء الحرب في حروب بالوكالة، كان النظام يعتقد أنها ستؤدي إلى انتصار عملائه من قابضي الملايين ... في كل هذه المحطات التي تمددت تخريباً في جملة البؤر الساخنة عربياً وإقليمياً لم ينبس الغرب ببنت شفة، بل ظل يعتبر الفوائد المادية القادمة من تصدير النفط سبباً للسكوت، واعتماد بعض المشاريع المليارية لصالح الوهم، وليس لصالح الشعب الليبي سبباً إضافياً للسكوت أيضاً . • في كل البلايا التي واكبت سياسات القذافي المجنونة لم يكن الغرب يرى أبعد من التوصيف والتصنيف لهذا النظام، تماماً كما الحال في أكثر من محنة عربية لسنا بصدد ذكرها هنا . • لكن حادثة لوكيربي أقامت الدنيا ولم تقعدها، فالقوانين الداخلية والدولية تحضر بسخاء عندما يطال الأمر مواطني الغرب المحصنين بالاصطفاء والنقاء، وهكذا قبل الغرب مليارات التعويضات مع علمهم التام بأن القذافي هو مهندس الجريمة، بل سار الرضا المغلف بالمخاتلة عند تسليم المنفذ الأول، مع استمرار الاستبعاد الإجرائي للعقيد القذافي الذي يُعتبر المتهم الأول حقاً وصدقاً، وللحديث صلة. [email protected]