إن انعقاد المؤتمر الوطني العام تحت شعار: الاحتكام للشعب والتمسك بالثوابت الوطنية على طريق التداول السلمي للسلطة قد أعطى دلالات وطنية وشعبية واضحة، وجسد المعنى العملي للمشاركة الشعبية السياسية في صنع القرارات السياسية التي تصنع المستقبل وتحدد معالمه، وترجم مفهوم حكم الشعب بالشعب، ومامن شك بأن الاحتكام إلى الشعب يأتي التزاماً بقول الله سبحانه وتعالى( وأمرهم شورى بينهم) وتطبيقاً عملياً للإرادة الشعبية التي أجمعت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي على رؤية إستراتيجية صاغها العلماء والمفكرون السياسيون الذين مثلوا كل ألوان الطيف السياسي في ساحة العمل السياسي والتي جرى الاستفتاء عليها في تلك المرحلة وهو (الميثاق الوطني) الذي مثّل القاسم المشترك لكل القوى السياسية وانطلق من الإسلام عقيدة وشريعة. إن الميثاق الوطني قد أكد على أن الاتفاق على القضايا الأساسية هو الوسيلة الوحيدة للتغلب على كل الظروف التي تؤدي إلى تباين المفاهيم، وهذا الاتفاق لا يأتي إلا عبر الإيمان بالديمقراطية فكراً وسلوكاً على اعتبار أن ذلك الضمانة الأساسية لحماية الحريات، كما أن الميثاق الوطني ينص على أن نظامنا الجمهوري نظام ديمقراطي شوروي نيابي يقوم على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة، ولذلك لم نكن بحاجة إلى نظريات سياسية جديدة تخرج البلاد من أزماتها طالما أننا نسير على مبدأ التداول السلمي للسلطة، فالميثاق الوطني خلاصة الفكر الاستراتيجي لليمنيين كافة، لأنه جاء من أجل الاعتصام بحبل الله التزاماً بأوامر الله واجتناباً لنواهيه قال تعالى( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) صدق الله العظيم، وجاء الميثاق الوطني ليحدد مفهوم الولاء الوطني ومعاييره باعتباره مبدأً شريفاً لا ينسجم بأي حال من الأحوال مع التبعية أياً كان شكلها أو نوعها. إن المؤتمر الوطني العام جاء في ظرفه المناسب، ولم تكن التنازلات والمبادرات التي قدمها الرئيس خلال فترة الحوار مع القوى السياسية إلا التزاماً بالإرادة الشعبية الملتزمة بأوامر الله تعالى والتي تستمد قوتها من الخالق جل وعلا، وبهذا فإن الخطاب التاريخي للأخ الرئيس قد عبّر عن تجليات الحكمة اليمانية وانتصاراً للإرادة الشعبية التي استمدت قوتها من الإرادة الإلهية فإلى الترجمة العملية لفكر الأمة وصنع المستقبل المشرق بإذن الله.