هكذا قضت شرعية الرجل وقانونه الأممي أن تختزل كل أيام المرأة بما تحمله من معاناة في يوم واحد فقط كل عام.. يوم تمنح فيه المرأة حق التنفيس عما تعانيه من كبت وحرمان، وأن تخرج للشارع لتُسمع الرجل أنين أوجاعها وتصرح ولو لمرة واحدة بما تلاقيه من ويلات على يد شقيقها الرجل الذي لازال يرفض الاعتراف بإنسانيتها ويصر على موقفه الرافض لها، وان اعترف أنها نصفه الآخر فهو يقصد نصفه الآخر، كما يراها هو، لا كما تريده هي وتناضل من أجل الوصول إليه. فما الذي تحقق للمرأة طوال عام كامل، مادامت إحصائيات الأممالمتحدة تؤكد ارتفاع نسبة العنف الموجّه ضد المرأة وزيادة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء من اعتداء وقتل واغتصاب... إلخ في عدد من دول العالم التي تحتفل بيوم المرأة العالمي بما فيها بلادنا.. والسبب أن المرأة هي الحلقة الأضعف في المجتمع ودائماً ما تدفع الثمن، أكانت مذنبة أم لا. والحقيقة أن كثيراً من النساء في اليمن يتعرضن للعنف والاضطهاد على يد الأب – الأخ – الزوج – الخال – العم وحتى الشيخ في بعض المناطق يحق له معاقبة المرأة دون أن تتاح لها فرصة للدفاع عن نفسها.. فالرجل يريد المرأة دمية مسيّرة لا رأي لها أوكيان ولا حقوق لها إلا ما أقره الرجل وجاد به عليها.. وماتشهده الساحة اليمنية اليوم من اعتصامات وتجاذبات عكس نفسه على مجمل الحياة وانتقل إلى كل بيت وإلى كل رجل وامرأة، ولكن كيف يتعامل الرجل مع الرأي المخالف لرأيه؟! فالرجل وان ادعى أنه يؤمن بالرأي والرأي الآخر ويحترم رأي الآخرين وإن خالفوه، إلا أنه يستثني المرأة من هذا الأمر، ولايقر لها أن تستقل برأيها ويصادر عليها حرية الرأي والتعبير، وتحت الضغط والتهديد تجد المرأة نفسها خاضعة ذليلة مكسورة، لاحيلة لها إلا التسليم لجبروت الرجل وطغيانه، ولا أتحامل هنا على الرجل، كما لا أعمم هذا على جميع الرجال، ولكن هل يعقل أن يقدم رجل عاقل مثقف على تطليق زوجته لأنها خالفته في رأي ولم توافقه على مايقول..؟! وهل يُعقل أن يصل تعنت الرجل وتمسكه بموقفه حد توجيه الإهانة لزوجته والاعتداء عليها، واتهامها بالعمالة للسلطة، لأنها رفضت الذهاب إلى ساحة الاعتصام..؟! وهل يُعقل أيضاً أن تصل الخلافات السياسية والتباينات في الرأي إلى إشعال خلافات أسرية بين أفراد الأسرة الواحدة؟ لا أقول ذلك من باب التعريض بالرجل والانتقاص من شأنه، ولكنها وبكل أسف حقيقة لايمكن إنكارها.. يمارسها بعض الرجال المدمنين على اضطهاد المرأة، ويعتبرون فرض رأيهم بالحق والباطل حقاً من حقوقهم وضرورة لإثبات رجولتهم وفرض احترامهم. فكيف للمرأة أن تطمئن على مستقبلها وهي ترى وتسمع.. ما تتعرض له أخواتها على يد من ينادون بالتغيير، ويأملون أن يحكموا ذات يوم.. نحن مع التغيير للأفضل.. ولكن من أين لنا أن نتفاءل بالأفضل ونحن نعرف موقف أحزاب المشترك من المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية، ونعرف أيضاً كيف ينظر هؤلاء للمرأة ومايعدونها به إن آل إليهم الأمر لاقدّر الله؟!.