تعد محافظة حضرموت من أهم محافظات الجمهورية اليمنية في عدد وزراعة النخيل وإنتاج التمور، ولا توجد إحصائيات وثيقة رسمية عن عدد النخيل بمحافظة حضرموت، ولكن المؤشرات الإحصائية تشير إلى أن عدد النخيل بالمحافظة يزيد عن 3.000.000 نخلة، وهو ما يشكل 32.2 % من نخيل الجمهورية حيث بلغ إنتاج حضرموت من التمور “ 25 %” من الإنتاج العام للجمهورية لعام 2010م، وتقدر مساحة النخيل بالمحافظة “4649” هكتاراً، في حين يبلغ الإنتاج بتقديرات غير رسمية ”6605” أطنان من مختلف أصناف التمور. وتعد محافظة حضرموت من أفضل وأخصب مناطق الجمهورية في زراعة النخيل، رغم تعرضها في السنين الأخيرة لمصاعب جمة اعترضت طريق الاستثمار الأمثل لهذا المصدر الغذائي الهام، من أبرزها مرض “دوباس النخيل” المنتشر أيضاً في بعض دول الجوار كسلطنة عُمان والسعودية، ومن أهم مناطق النخيل بمحافظة حضرموت مديريات “مجر ودوعن وسيئون وساه والقطن”، وتنتج هذه المناطق أجود أنواع التمور على مستوى الوطن اليمني. وتعد شجرة النخيل من أهم أشجار الفاكهة القديمة والمتميزة التي لعبت دوراً طيباً في حياة العرب الأوائل إلى وقتنا الحاضر، حيث مازال يُعتمد على ثمارها كمادة غذائية يستفاد من مختلف أجزائها الأخرى في عملية البناء والأثاث وتستخدم أيضاً كوقود، واستخدمت النخلة قديماً في الصناعات التقليدية وفي بناء المنازل وسقوف لها. والتمور عامة تعد من الحلويات، وشجرة النخيل هي الشجرة الوحيدة التي تنتج الحلوى ولهذا اعتبرت من أهم أشجار الأمن الغذائي، وقد قال الله سبحانه وتعالى عن هذه الشجرة المباركة: {والنخل باسقات لها طلع نضيد}، وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث شريف: «بيت لاتمر فيه جياع أهله»، ويصف الأطباء عموماً التمر بأنه “منجم من المعادن” وعنصر وقائي من الكثير من الأمراض لعل أبرزها فقر الدم، والضعف العام والسرطان. واليوم رغم المكانة التي تحتلها شجرة النخيل بمحافظة حضرموت وبقية محافظات الجمهورية اليمنية ما أحوجنا إلى المزيد من الاهتمام والرعاية لهذه الشجرة المباركة والتي قال عنها أيضاً رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله علية وسلم: «أكرموا عمتكم النخلة»، فقد قل بصورة ملحوظة اهتمامنا بهذه الشجرة السامقة..وتواجه شجرة النخيل في مديرية دوعن وهي من أهم مديريات محافظة حضرموت زراعة للنخيل بعد مديرية وادي مجر الزراعي تواجه إهمالاً لعدة أسباب موضوعية وذاتية، فانتشار حشرة دوباس النخيل تعد من أبرز الأسباب لهذا الإهمال، فضلاً عن عزوف الأهالي عن زراعة أصناف جديدة من هذه الشجرة المباركة، والنزوح من الريف إلى المدينة، وغيرها من الأسباب الأخرى، وتواجه أيضاً هذه الشجرة إهمالاً وقلعاً في عددٍ من المناطق بغرض البناء أو بيع الأراضي وبصورة عشوائية. نحن جميعاً مواطنين وهيئات حكومية وغير حكومية مدعوون لإعادة الاعتبار للنخيل، فليس من المعقول والمقبول أن نستورد التمور من السعودية والعراق والإمارات ويباع للمواطن اليمني بأسعار خيالية، بينما نهمل نحن النخيل وزراعته دون مبرر، فالواجب يحتم علينا وعلى وزارة الزراعة الاستمرار في التنمية الزراعية لأشجار النخيل في مختلف المحافظات بدءاً من حضرموت ومروراً بالحديدة وانتهاءً بالمهرة والاستفادة من تقنيات المسح بالأقمار الصناعية في حصر أعداد النخيل على مستوى الجمهورية، وتحديد النخيل المستمر وغير المستمر على الصعيد الوطني، وتنفيذ استراتيجية للحفاظ على النخيل من الآفات الزراعية وتحديداً “دوباس النخيل” واستخدام المكافحة الحيوية ما أمكن والاهتمام بتفعيل وأحكام الحجر الزراعي ودراسة دور النخيل في الأمن الغذائي، وإلزام المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بزراعة النخيل المستمر في الحدائق التابعة لها، وتقديم التمور الطازجة أو المحفوظة بالتبريد في الضيافات الرسمية والهدايا أسوة بدول الجوار كالسعودية والإمارات وتشجيع كل ما له علاقة بالنخيل والتمور، وإدراجه ضمن الترويج السياحي كجزء من تقاليد الوطن كالمنتوجات الحرفية والوجبات الشعبية، وتسويق التمور الطازجة من الأصناف الرطبة والنصف الجافة على مدار العام باستخدام وسائل التبريد والتجميد وتهيئة وعرض التمور وتسويقها في صور مختلفة للتأثير على النمط الاستهلاكي، والاستمرار في أعمال التنمية الزراعية في كل المحافظات التي تعد زراعة النخيل من أهم سماتها، والله من وراء القصد.