الأزمة الحالية رغم مافيها من العبث بقلوب وعقول ودماء الناس كشفت وجوهاً وعرّت أجساداً وعقولاً استحقت أن تكشف.. هذه الأزمة أكدت سلامة تحذير العقلاء من مخاطر التجاهل لضرورة أن تكون السيادة للدولة والهيبة للقانون.. والعدالة للمجتمع.. لقد خرج الشباب إلى ساحات الاعتصامات بعد أن أوصلهم الفاسدون والعابثون وعبدة الذات إلى جدار فقدان الأمل.. وصحيح أن هذا الخروج قاد إلى معالجات ذكرتنا بمحاولات العطارين مداواة ما أفسد الدهر، إلاّ أن الصحيح أيضا أن محاسبة من عبث وأفسد وأغلق نافذة الأمل في وجوه الشباب لايقل في الأهمية عن التفاني في تقديم المتاح والموجود من الحلول.. ومايحدث الآن أن الشباب المطالبين بالتغيير كل وفق تصوره، أصبحوا بين نارين.. نار الشكوى من أقطاب الفساد والعبث بفرصهم وأحلامهم وبين الراكبين موجتهم في انتهازية لا أراها إلا تخدش وجه الفكرة الطاهرة للشباب.. لقد كان الأحرى بأحزاب المعارضة أن تحمل إلى رئيس الجمهورية أحلام الشباب وأوجاعهم، فإذا بهذه الأحزاب تستعرض فقط عللها، محملة رؤوس الشباب أوزارها.. والمصيبة أن نافذين وفاسدين وخارجين عن القانون اتجهوا إلى منصات الاعتصامات ليعيش الشباب الطاهر المظلوم بين نارين.