في هذه الأيام يظهر تجار الأزمات وقد شدُّّوا المئزر(متحشفرين) يشحذون سكاكينهم للتلاعب الجبان والحقير بأقوات الناس واحتياجاتهم من ثلاثية(الغذاء- الدواء- الغاز وغيره من المشتقات النفطية). الناس يعيشون بين كرٍّ وفرٍّ مع أسعار ليس لها سقف أو حدود, وإحتكار خبيث ليس هناك من يوقفه.. فالأزمات في العرف التجاري اليوم موسم خصب عند بعض التجار لإطلاق العنان لشهواتهم وجنونهم وسُعارهم بالسيطرة على حركة العرض والطلب للاحتكار والمغالاة في الأسعار بدون رادع من ضمير أو مراقب من الجهات الحكومية المختصة, وأنتم تعرفون أن الفساد عندما يكون حاضراً فإنه يملأ الجيوب ليُسكت الأفواه ويحني الهامات ويطفئ الغضب ويعمي الأبصار عن رؤية الباطل والوقوف في وجهه وإيقافه عند حده.. وهذا أوصلنا إلى حال أصبح التاجر فيه هو سيد الموقف الذي لايقول له أحد:«لا».. بل هو البطل الذي لايوجد من يقارعه وينزع عنه غروره ويعيده إلى الصواب. أما المواطن فهو إنسان مغلوب على أمره يسمع الشائعة فيصدقها ويقول التاجر فيسمع لقوله ويطلب منه فيعطي ، وأن الإنسان اليمني بالذات مخلوق وديع ينشأ ويترعرع ويشيخ بين تجارب الاحتكار والقفزات الجنونية في الأسعار، وقد علّمته الأيام أن الأسعار مثل الزمن لا تعود إلى الوراء ولا تقف في مكانها ، وهو في هذا المجال أستاذ الأمم الصابرة التي يتحكم بأقواتها ودوائها وإمداداتها من الغاز ثلة من أبنائها ينتظرون الأزمات وقد يسهمون في تعجيلها أو اشتداد أوارها ليذيقوا الناس عذاب «المكاردة والمطابرة والمزاحمة ، وإفراغ الجيوب» وليس من هؤلاء التجار من يقول : شكراً أيها المواطن المسكين . ومثلما قال أحدهم على شاشات التلفاز معلقاً على الأوضاع الحالية: بأن مانعيشه اليوم ليس غريباً ، فالإنسان اليمني يعيش دائماً على سماع «قح بُم» فإننا نقول: إن هذا الإنسان مثلما كُتب عليه أن يستنشق عند ولادته رائحة البارود فإنه أيضاً تعوّد أن يسمع كلمة (مافيش ، خلّص ، زاد سعره، مايخارجش) وغيرها من الألفاظ والعبارات الآثمة التي تكوي قلوب كثير من المعدمين والفقراء وأصحاب الدخل المحدود ولاسيما الأسر كثيرة العدد أو التي ليس لها من يعولها ... قمع طوفان الاحتكار وارتفاع الأسعار كيف يعيش أيتام السلم .. وكيف يعيش أيتام الحرب ، وكيف يعيش النازح وكيف يعيش المنكوب وكيف يعيش المريض وكيف يتداوى وكيف يعلم أولاه وكيف يربيهم ؟؟ كاد الفقر أن يكون كفراً... ختاماً نريد أن تطال يد العدالة كل من احتكر اسطوانة غاز أو كيلو دقيق أو حبة دواء .. نريد مواقف ملموسة على أرض الواقع تقف إلى جانب المواطن ضد عصابات الاحتكار التي تتداعى على السلع كما تتداعى الأكلة على قصعتها ، لتفرض عليها السعر الذي تريد .. فقطار الأسعار لا يتوقف .. ومادة الغاز معدومة لاسيما في المحافظات والمدن الكبرى مثل تعز وصنعاء .. من يغيثنا من مدلهمات الغلاء والاحتكار والفاقة التي أنستنا أنفسنا وأنستنا ذكر الله .. وأدخلتنا في دوامة ( اللقمة ) بعد أن كنا في يوم ما نسبح في دوامة الفكر والثقافة وبناء القيم وإرساء المثل وصناعة المعارف؟. [email protected]