كل يوم والمشهد السياسي اليمني يزداد سخونة وتتسع دائرة العنف وتتصاعد حدته.. وكل يوم يسقط عدد جديد من الضحايا على يد إخوانهم من هذا الطرف أو ذاك.. أرواح يمنية تزهق ومنشآت تخرب بأيدي اليمنيين ولازال الطريق طويلاً وشاقاً وجميع الاحتمالات واردة.. وكلما زادت حدة العنف وارتفع عدد الضحايا تعقدت الأمور أكثر وتباعدت آمال الوصول إلى حلول تنهي هذه الأزمة الخانقة وتعود بالأوضاع إلى سابق عهدها.. ومع استمرار الأزمة وتصاعدها يتسع الثقب في جدار سفينة الوطن، ولستُ متشائمة حين أقول إننا مشرفون على الغرق ,ومع ذلك ورغم إدراكنا خطورة مانحن مقدمون عليه لازلنا نحمل معاول الهدم وننهال تحطيماً وتكسيراً وتدميراً لسفينة الوطن وبكل ما أوتينا من قوة، وكأننا نرى في الغرق منجاة ومخرجاً وحيداً نهرب إليه ولو كان فيه هلاكنا جميعاً.. أو هكذا يفكر بعض أطراف الصراع السياسي والمستفيدون منه.. منطق غريب عجيب ورؤية أغرب وأعجب اعتمدتها أحزاب اللقاء المشترك للوصول إلى مبتغاها وتحقيق أهدافها باستلام السلطة من بوابة الاعتصامات، بدلاً من بوابة الانتخابات المبكرة.. هذه الاعتصامات التي بدأت شبابية وانتهت حزبية ,واختزلت كل مطالب الشباب وطموحاتهم وهمومهم وأحلامهم وتطلعاتهم وكل أهداف ومطالب ثورتهم في مطلب واحد فقط هو كل ماتريده هذه الأحزاب وتسعى إلى تحقيقه ولاتقبل غيره ولن تتنازل عنه لصالح الشباب مهما كانت النتائج التي ستترتب على تمسكها بالرحيل الفوري للرئيس وإسقاط النظام، وهي حتى هذه اللحظة لم تقدم أي تصور للمرحلة القادمة لنعرف أين موقع الشباب في أجندة أحزاب المعارضة المتمترسة خلفهم والمتحدثة باسمهم. بالأمس القريب وقبل أن تصل الأوضاع إلى ما وصلت إليه من تدهور ينذر بشرٍ مستطير وكارثة باتت حتمية الوقوع ولا مفر منها تحل على هذا الوطن وعلى رؤوس شعبه، إن لم يتم تداركها من قبل عقلاء اليمن وحكمائها الذين هم في عداد المفقودين حتى الآن، ولاندري متى ستتجلى الحكمة اليمانية التي نعول عليها.. قلت بالأمس القريب كانت المطالب تلامس حياة المواطن البسيط في إصلاح اقتصادي وتحسين الوضع المعيشي ومكافحة الفقر والحد من البطالة وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وتفعيل دور القانون وبسط سيادة النظام ومكافحة الفساد وتعزيز الأمن والاستقرار وتقليص معدل الجريمة وإصلاح حقيقي للقضاء وأجهزة الأمن والارتقاء بالتعليم بمختلف مراحله، وتحسين الصحة.. وغيرها من المطالب التي لو تحقق البعض منها لشعرنا بثورة تغيير حقيقية.. وهذه هي مطالب كل مواطن يمني، وليس من ضمنها إسقاط النظام أو تسليم السلطة لحزب معين.. أما اليوم فلم تعد هذه المطالب ذات أهمية عند أحزاب اللقاء المشترك وأصبح الوصول إلى السلطة هو المطلب الأول والأخير، السلطة التي أصبحت غاية وأصبح الشباب وثورتهم ومطالبهم وحتى الوطن ووحدته وأمنه واستقراره وسائل للوصول على هذه الغاية.. وأقول لأخواتي وإخواني الشباب المرابطين في ساحات الاعتصام هل لديكم مشروع ورؤية تقود الوطن إلى بر الأمان؟؟ وهل لديكم آلية عملية لتنفيذ هذا المشروع والسيطرة على الوضع حين يجد الجد، أم أن دوركم فقط محصور في الاعتصامات والمسيرات؟؟ ولماذا لايتم إيجاد كيان شبابي موحد يمثل كل الشباب ليمنحكم الشرعية والحق في تمثيل أنفسكم حاضراً ومستقبلاً؟؟ نعم إننا بحاجة لكيان شبابي مستقيل ومتحرر من أي تبعية للأحزاب الموجودة، هذا إن كنا مخيرين وليس مسيرين، وهدفنا هو إنقاذ سفينة الوطن قبل أن تغرق ونكون نحن أول الغارقين؟!.