بقدر ما كان اليمنيون يتطلعون إلى حيادية ونبل الدور الخليجي وأهميته في وقف تداعيات الأزمة المتعاظمة في اليمن، انتظروا موقفاً أخوياً وأخلاقياً تجاه ثورة التغيير الحالمة باليمن الجديد وانتقالاً سلمياً للسلطة، بقدر ما خيبت آمال الجميع ولادة مبادرة مريبة سبق التعاطي معها محلياً ولم تجد الآلية المرنة لانتقال السلطة سلمياً. تباين واضح في الدور الخليجي مع الحالة اليمنية والحالة البحرينية مادياً ومعنوياً، والموقف الخليجي تجاه ثورة التغيير في اليمن وثورة التغيير في البحرين التي تطالب بحرية القول والتفكير والاختيار، ثورة التغيير التي قادها الشباب اليمني عبّر عن احترامها ودستوريتها ومشروعيتها وضرورة نجاحها الجميع، السلطة والمعارضة الحاكم والمحكوم، تطورت هذه الثورة الشبابية حتى وصلت إلى كرسي الرئاسة، اختلف الجميع حول كيفية التنحي وانتقال السلطة سلمياً بدون عنف . ثورة التغيير التي قادها الشباب البحريني طالبت بهامش بسيط من الحقوق والحريات، استنكرها الجميع وتم إجهاضها جهاراً نهاراً، احتشد الخليج كله، ورصدت عشرة مليارات دولار مساعدة عاجلة للبحرين، ومثلها لعمان، تغيرت الفتاوى ولغة الخطاب القادم من التيارات الإسلامية في دول الخليج، أغلقت القنوات الإعلامية الصلفة ملف ثورة شباب البحرين وكأن شيئاً لم يكن، لقد كان الموقف والدور الخليجي تجاه ثورة التغيير في الشارع اليمني والحالة المتأزمة سلبياً وضبابياً إلى حد مفجع ومؤسف. أمّا كون الموقف الخليجي سلبياً فإنه قد جاء بمبادرة سبق التعامل معها، مما يدل على عدم حياديتها وعدالتها في تناول الأزمة اليمنية، ولا تقوم في الوقت نفسه على قاعدة الحوار، حتى تفضي إلى انتقال سلس وسلمي وآمن للسلطة حفاظاً على أهم منجزين تاريخيين وحضاريين لليمنيين: هما النظام الديمقراطي التعددي، والوحدة اليمنية، المبادرة تكاد تفرغ هذين المنجزين من محتواهما وشرعيتهما، نحن لا يهمنا تبدل أو تغير الأشخاص بقدر ما يهمنا المحافظة على ما تم تحقيقه، الأمر الذي يجعلنا نجزم بأن المبادرة جاءت لإجهاض ثورة التغيير واليمن كله، لأن مبدأ الخلع القسري لا الحل التوافقي الملزم لجميع الأطراف سيقود اليمن إلى تداعيات وانقسامات ومحاكم تفتيش وتصفية حسابات وتجييش قبلي ومناطقي وسيناريوهات تفكك، ومقابر جماعية ومشاهد لا يعلم نهايتها إلا الله. وأما كون الموقف الخليجي خبيثاً، فلأنه حمل منطوقاً عبثياً لمبادرة تقوم على إفراغ النظام الديمقراطي من محتواه والقضاء عليه، لأنه ورغم هشاشة ومحدودية هذا النظام، إلا أنه قد مثل خلال العقدين الماضيين عنصر قلق ومصدر إزعاج لحكام الخليج، ونذيراً لهم بانتهاء قبضتهم الحديدية على الشعوب، باستثناء دولة الكويت ذات النهج الديمقراطي، الأمر الذي دفع بقطر للقيام بمشاريع التفكيك والشرذمة وما قضية الحوثيين في بلادنا والدور القطري فيها عنا ببعيد . ثورات التغيير في الشارع العربي حق مشروع، بشرط ألا تتجه إلى العنف والفوضى والتدمير، كما نراه في ليبيا، تفويت الفرصة على التدخلات الأجنبية واجب مقدس لا يقل مكانة عن الثورة نفسها، ثورات التغيير لماذا أجهضت في دول الخليج وتكالب الغرب عليها قبل الحكام ؟ ينقص فكرة الثورات العربية آلية سلمية لنقل السلطة حتى لا تنجر المجتمعات إلى الهاوية وتسقط في فخ التبعية الكاملة للغرب. علينا ألا ننتظر المواقف الأخوية لأنها مشبوهة لم يعد يحكمها البعد القومي ولا الحس والخطاب الإسلامي، الفتوى تغيرت بتغير المصالح، كما رأيناها عند الشيخ القرضاوي وتغير الخطاب الإسلامي وتعددت أوجهه، كما رأيناه عند طارق السويدان في تعاطيه مع ثورة التغيير في اليمنوالبحرين.. فهل يحتاج اليمنيون لأكثر من تلك المشاهد والفتاوى والدعوات ليعودوا إلى رشدهم.؟ [email protected]