قبل ثلاث أو أربع سنوات قال لي مدير مكتب الزراعة في تعز المهندس عبدالله الجندي: إن مشروعاً رائداً لتحسين صناعة الجبن البلدي يجري العمل فيه عن طريق خبراء أجانب فرنسيين - على ما أعتقد. وأضاف: إن هذا الفريق الذي أعدّ له سكناً للإقامة بجوار إدارة مكتب الزراعة في عصيفرة يقوم بزيارات لمناطق مقبنة وهجدة وغيرهما من المناطق كالتعزية المشهورة منذ زمن بعيد بصناعة الجبن المفضل غيره من الأجبان المستوردة المعلبة في صفائح سعة خمسة عشر كيلوجراماً يتميز بالملوحة أو في علب وعبوات مختلفة الأحجام من الدول الأوروبية مجتمعة ومن استراليا ونيوزيلندا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد تذكرت ما قاله لي مدير الزراعة في تعز قبل أيام وقررت أن أذهب إلى سوق الشنيني المشهور بكثرة البائعين المتخصصين لهذا الجبن عند بوابة باب المخلولة الذي هدم عقده قبل سنوات قليلة وسط انتقادات عديدة كونه من معالم تعز القديمة وعلى جانبي المدخل وفي طرق سوق الشنيني الشرقي وفي محلات وصنادق متفرقة في باب موسى والسوق المركزي. وسألت شخصاً من أولئك الباعة عن الجبن الجديد فقال كله جديد, ويقصد أن كل ما لديه من المالح أو متوسط الملوحة أو الخالي منها كله جديد, مع أننا نعرف أن تلك الأقراص الناشفة تمضي عليها معروضة بين الشمس والرياح والأتربة وتحط فوقها الحشرات وخاصة الذباب لعدة أشهر ولنقل عدة أسابيع ولم ينكر صحة ذلك البائع المذكور, لأن الملح الزائد فيها يضمن بقاءها فترة طويلة بما يشبه التحنيط عند اليمنيين والمصريين القدامى المخلدين. فأوضحت له أن ما أقصده هو الجبن الذي وعدنا به مدير مكتب الزراعة في تعز وأكد أنه سيطرح في الأسواق عما قريب من ذلك التاريخ,مؤكداً أن تلك الدولة ستقدم معملاً أو عدة معامل يديرها أبناء المناطق الذين توارثوا مهنة صناعة الجبن البلدي أباً عن جد لعشرات السنين وسيختفي الجبن التقليدي مع بقاء خصائصه ولن يتغير إلا الشكل والرائحة, أي رائحة الدخان ومواصفات أخرى أكد أنها ستكون في مصلحة المنتج والمستهلك. وأعلمني أنه قد سمع عن المشروع ولكنه لم يسمع عن نزول أو صناعة الجبن الجديد المحسّن, فما رأي مدير زراعة تعز؟!.