أدمن البعض من القوى السياسية على ممارسة الزيف والبهتان ، وقد ولّد هذا الإدمان لدى ذلك البعض حالة فريدة من نوعها تمثلت في رفض الحقيقة مهما كانت ، ومهما كان بيانها ، والإيمان المطلق بالزيف والبهتان مهما كان بيان فضيحته وسوء عواقبه وعظيم خطره على المجتمع. إن الإدمان على الزيف والبهتان دليل على الإفلاس الأخلاقي والانحطاط المهني والفجور في الاختلاف والعدوان في التعامل ، وهو اتجاه خطير يخلف أثراً نفسياً لدى الفئة المغرر بها التي لا تتلقى المعلومة إلا من مصدر واحد ووحيد وليس لها حق المناقشة والاستفسار أو إبداء الرأي أو التحليل أو التأويل أو التأمل أو التفكير مطلقاً ، ومن هذا الأثر السلبي الخطير حالة الإيمان بعكس الحقيقة فكما سايرته فيما يطرحه عليك من الأكاذيب المفضوحة كلما كنت حميمياً بالنسبة له ، وإذا حاولت أن تقول له بأن ماتقوله فضيحة كبرى لا يصدقها عاقل أصر واستكبر وناصبك العداء وهاج وماج مستخدماً أوسخ الألفاظ وأقذر العبارات ضدك ، وحكم عليك بأنك عدو له ومايقوله من الزيف . إن ما أشرت إليه أعلاه لم يكن مجرد كلام مسموع من الغير بقدر ماعشت ذلك مع سائق تاكسي بدأ الحديث معي عذباً وجميلاً فيه من اللباقة مايشدك إلى السماع وبعد أن سرد مالديه من المقدمات المعسولة بدأ يطرح سيلاً من الزيف والبهتان الذي يملى عليه من تلك القوى الكيدية ، ولم أقاطعه على الإطلاق حتى منتهى كلية مما لديه من ذلك الكذب ، فقلت له: مارأيك في فلان من الناس الثقات ومارأيك في كذا وكذا قال: هذه مسلمات ولا جدال فيها ، قلت له: هؤلاء جميعهم يكذبون ماوصل إليك من المعلومات الكاذبة والواقع عكس ذلك وبدأت أوضح له الحقيقة التي لا يمكن أن تغطيها عين الشمس وأدركت أن الرجل قد صدم من هول مايتلقاه من الكذب ، ولكن الكبر والإثم والعناد والفجور في الخلاف جعله في نهاية المطاف يصر على أن ماقيل له حقيقة وأن غيره هو الكذب والزيف وقال لي بالحرف الواحد: أن هذا الكلام لم يسمعه مني فحسب ولكن كل من تحدث معه يقول ذلك حتى أقرب الناس له يقول ذلك ولكنه لايؤمن إلا بما جاءه من تلك القوى الكيدية لأنها لديه هي مصدر الحق حسب زعمه ، وهذا مكمن الخطر ، فهل من عودة إلى جادة الصواب ؟ نأمل ذلك بإذن الله .