يمر وطننا اليمني هذه الأيام بمنعطف تاريخي خطير جراء التداعيات المؤسفة للأزمة السياسية التي افتعلتها أحزاب اللقاء المشترك وأطلقت عليها مجازاً “ثورة الشباب أو ثورة الشعب” وما يحدث ليس ثورة وإنما فتنة بكل ما تعنيه هذه الكلمة.. فإذا لم يتم تداركها قبل استفحالها فسوف تتفاقم وستكون نتائجها كارثية على الوطن والشعب ،ويكذب من يقول: أن الشعب اليمني اليوم توحد تحت هدف واحد كما يدعون وهو “إسقاط النظام” لأن الانقسام لم يعد على مستوى الأحزاب ولكن على مستوى الأسرة الواحدة الآباء والأبناء والأخ وأخيه وبين الأصدقاء والزملاء فالجميع مختلفون ومنقسمون مابين مؤيد ومعارض وهو ما يؤكد أنها فتنة وليست ثورة كما يدعون زوراً وبهتاناً. كلنا يعلم أن اليمنيين قد فجروا ثورتهم المباركة 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م ضد الحكم الملكي الإمامي الكهنوتي المتخلف في الجزء الشمالي من الوطن والاستعماري البريطاني المحتل للجزء الجنوبي وركائزه من السلاطين ، وأكد الهدف الأول من أهدافها الستة الخالدة على “التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات”.. هذه هي الثورة اليمنية التي فجرها أولئك الأبطال الميامين ودافعوا عنها وحموها من المؤامرات التي حيكت ضدها وفي ظلها تحقق للوطن والشعب اليمني تحولات تاريخية وإنجازات عظيمة أبرزها على الإطلاق منجز إعادة وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً في 22 مايو 90م واعتماد النهج الديمقراطي وتحقيق مبدأ المشاركة الشعبية في الحكم والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات التنافسية بطريقة ديمقراطية حرة ومباشرة من الشعب سواء لمنصب رئيس الجمهورية أو السلطة التشريعية “مجلس النواب” أو السلطات المحلية.. ولذلك فإنه لا يمكن أبداً إطلاق اسم “ثورة” على ما يشهده الوطن هذه الأيام من اعتصامات واحتجاجات وفوضى وتخريب وتمردات وقطع للطرقات وسفك للدماء وإزهاق للأرواح واعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة وإقلاق الأمن والسكينة العامة وتعطيل الحياة العامة للناس. •ما يحدث اليوم إنما هو فتنة عمدت أحزاب اللقاء المشترك على إشعالها وإذكاء نارها ليتحقق لها من خلالها الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية وإرادة الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني بغية الوصول إلى كرسي السلطة بالطرق والوسائل التي كانت تتم قبل إعادة وحدة الوطن عام 90م. إذا كان ما يشهده الوطن هذه الأيام هو ثورة الشباب أو ثورة الشعب كما يسمونها ومطالبها إسقاط النظام القائم فذلك يعني القضاء على الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر ومكتسباتها العظيمة والقضاء على النظام الجمهوري والنهج الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية..،حيث إن النظام السياسي للجمهورية اليمنية يقوم على التعددية السياسية والحزبية بهدف التداول السلمي للسلطة فإذا كان الهدف هو إسقاط هذا النظام فحتماً أن النظام البديل سيكون إما نظام الإمارة الإسلامية على غرار نظام حركة طالبان الذي كان قد تمت إقامته في أفغانستان أو نظام الحزب الواحد على غرار الحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم المحافظات الشرقية والجنوبية من الوطن قبل إعادة الوحدة أو النظام الملكي الإمامي أو السلاطيني الذي كان موجوداً قبل قيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر 62م و14 أكتوبر 63م وتحقيق الاستقلال الوطني المجيد للجزء الجنوبي من اليمن في 1967م أو نظام الحكم العسكري الدكتاتوري.. وهو ما سيؤدي لا سمح الله إلى تقسيم اليمن إلى عدة كيانات عدة كما هو معد في مخطط “الشرق الأوسط الجديد”. [email protected]