الشطط والمبالغة في الخطاب الإعلامي لإخواننا في اللقاء المشترك وبالذات حزب الإصلاح من تهديد ووعيد بالويل والثبور لكل من خالفهم في الرأي ، وسحب صكوك الوطنية من الآخرين ، وتجريد أقلامهم لملء قوائمهم السوداء ، كل تلك مؤشراتٌ تنذر بخطورة المرحلة الراهنة وما تليها ، باعتبار ذلك قائماً على سياسات إقصائية وعدوانية تعتمد الإلغاء والتهميش بل والانتقام من الطرف الآخر بصورةٍ تتنافى وقيم الديمقراطية وأعراف المجتمع وتقاليده على الرغم من القواسم المشتركة التي تجمعنا وكلها كفيلة بأن نكون أقوى المجتمعات تماسكاً ، فلماذا هذا التنافر ؟ ومن المستفيد منه غير أعداء الأمة ؟ .. قد نختلف كثيراً مع النظام حول عدد من السياسات ، وقد تتباين الآراء بسبب تصرفات الكثير من المسؤولين والفساد المستشري في معظم مفاصل الدولة ، لكن هل نعالجُ الداءَ بالداء ونستجيرُ من الرمضاء بالنار ؟ أم نستدعي الحكمة ونشد الأيدي لإصلاح كل خلل بالأساليب الحضارية ؟ استدعاء القبيلة بهذه الصورة المريبة يستدعي من فرقاء السياسة وكل من يتخندق وراء مثل هذه الجزئيات إعادة النظر في سياساتهم كون التداعيات التي ستفرزها الأيام القادمة في حال استمرار ذلك ستحمّلُ الوطنَ أكثر مما يتحمل . الحزبية في جميع الديمقراطيات العريقة والناشئة تعني التنافس على بناء الأوطان عن طريق البرامج الانتخابية ، إلا عندنا فقد تحولت إلى النقيض من ذلك تماماً ، فبعضُ الأحزاب قد أثبتت ومن خلال التعبئة الخاطئة والشحن المتواصل لأعضائها ، إنها لا تؤمن إلا بنفسها وما عداها ليس إلا عدواً يجب إقصاؤه بل والقضاء عليه ، فأيُّ تنافسٍ هدفه إلغاء الآخر ؟ وأيُّ ديمقراطية هذه التي ظللنا نتغنى بها على مدى عقدين من الزمن ؟ وإذا لم نحتكم إلى صناديق الاقتراع ما هو الخيار البديل الذي يراهن عليه البعض ؟ مسؤولون ومحللون اقتصاديون يحذرون من انهيار وشيك في اقتصاد البلد ، فإذا كُنا نشكو من تردي الأوضاع الاقتصادية أيام المماحكات والمكايدات ماذا سنقول في حال حصل الانهيار لا قدَّر الله ؟ وكيف سنواجه العقبات الكأداء التي تنتظرنا؟ أحد الوزراء السابقين المُنضم إلى المعتصمين يعبِّرُ عن غلِّه على النظام الذي كان أحد أركانه عشرات السنين من خلال إفشاء أسرار شخصيّة يُشكك الكثيرون في صحتها ، ليبرهن مصداقيته وولاءه ، ناسياً أو متناسياً أن المجالس بالأمانات تستدعي مراعاة حرمتها وحفظ حقوقها ، فهل سيثق به الآخرون في المستقبل على أسرار الدولة برمتها ؟ وهل من الوفاء لمن أولاك ثقته أن تشهر به بهذا الأسلوب بمجرد أن تختلف معه مهما كان سبب الاختلاف ؟ من بشائر الثورتين التونسية والمصرية أن الأولى تريد في كل شهر حكومة جديدة ، والأخرى تنذر ببوادر حرب طائفية حيث شهدت حادثين مروعين في أقل من شهرين والحبل على الجرار ، فهل يتعظ المغامرون عندنا وهم يجازفون بالوطن إلى محرقة لا يعلم إلاّ الله مداها ، فهل هذه حقائق على الأرض تشاهدونها بأم أعينكم ؟ أم أنها من افتراءات الحزب الحاكم في اليمن ؟وهل يحق لنا أن نبحث عن إجابات شافية لهذه التساؤلات في زمن الإلغاء والتناقضات ؟ وإذا عجز السياسيون واحتاروا أمامها فسنتجه في كل الأحوال إلى اللطيف الخبير لنسأله باسمه الأعظم أن يحفظ اليمن وشعبها من كل مكروه ويرد عنها كيد الكائدين ومكر الماكرين إنه على ما يشاء قدير .. [email protected]