قديماً قالت العرب : ازرع جميلاً ولو في غير موضعه فلا يضيع جميل أينما وضعا إن الجميل وإن طال الزمان به فليس يحصده إلا الذي زرعا هذان البيتان اختزلا كل معاني ودلالات صنع الجميل والمعروف والإحسان بيننا ، نحن بنو البشر ، باعتبار ذلك من شيم الرجال الأوفياء ومن قيم كرام القوم ونبلائهم ،وهي ممارسة إنسانية عظمى تملأ ساحات شاسعة من أفئدة بعضنا وتجد لها صدى طيباً ، وإن طال الزمان أو قصر. بينما يتحول ذلك الجميل والعرفان في نفوس وعوالم البعض الآخر إلى غول كاسر، مجبول بالشر والحقد، نافثاً سمومه على الكل،بما في ذلك تلك الأيادي البيضاء الكريمة، بوعي أو بدونه . والمعروف أن الجحود ونكران الجميل صفة متأصلة وغير غريبة عند هؤلاء المغرورين ، الذين لا يقدرون الأمور بميزان قدرها ، ويتخيلون أنهم الصفوة وقادرون على صنع ونسج علاقاتهم متى أرادوا ، وهدمها متى أرادوا أيضاً ناسين أو متناسين العلاقات الإنسانية الحميمة التي يجب أن تسود وتبقى . هؤلاء يقيسون علاقاتهم بمصالحهم فقط ويغيرون جلودهم وانتماءهم وولاءهم كل يوم ألف مرة ، وفق أهواء مصالحهم الشخصية الضيقة ، وحبهم الأزلي لهذه الدنيا الفانية، والتي لاتساوي عند الله جناح بعوضة. غريب أمر هؤلاء، يردون الجميل بنكرانه، والمحبة بالكره والبغضاء، والصفح بالعداء، هكذا هم دائماً، وهكذا يقبلون على الحياة. إنها مساحات شاسعة من البشاعة الداخلية والحقد الدفين والكره العميق خيلت لهم أنهم قادرون على نسف الجبال وذلك هو المحال بعينه !! هؤلاء هم من قال عنهم ( الإمام علي) كرم الله وجهه (اتق شر من أحسنت إليه ) . من الحكمة أن لا نطير في السماء، إذا كانت عاقبة الطيران ضياعاً في الأفاق البعيدة أو سقوطاً مروعاً في الحضيض. المحافظان القديران صالح عباد الخولاني، وعبد القادر علي هلال نجحا في حضرموت ، وأجادا عملا مالم يعمله محافظ سابق لها ، فامتلأت قلوب أبناء حضرموت حباً ووداً وتقديراً لهما . والله من وراء القصد . [email protected]