وحدتنا الغالية اسمحي لي ولكل عشاقك من أبناء هذا الوطن الحبيب أن نقدم لك اليوم بالغ أسفنا واعتذارنا على ضعف قدرتنا وقلة حيلتنا في أن نشعل قناديل الفرح والابتهاج بذكرى ميلادك الحادي والعشرين بالشكل والصورة التي كنت تتوقعينها منا. أو كالتي كنت تزدانين بها في الأعوام السابقة. وهذا لا يعني أن حبك وعشقك قد اضمحل في قلوبنا, أو أننا فقدنا حماسنا وحرصنا على الابتهاج بك وحمايتك والحفاظ عليك. لا ورب الكعبة الذي أوصانا بك ودعانا إلى الوحدة والوئام وحذرنا من التفرقة والخصام فما زال عشقك يسري في دمائنا وحبك يزداد يوما بعد يوم في قلوبنا .ولكنها الظروف والأحداث التي يمر بها وطننا وتعيشينها معنا في حياتنا وواقعنا اليوم. والتي ألقت بظلالها على مختلف جوانب حياتنا وبتنا نسمع خلالها ما يعكر صفو فرحتنا بك ويهدد بنيانك ومصيرك من أطراف هنا وهناك تنعق بدعوات الردة والانفصال عنك والعودة بالوطن إلى ما قبل ولادتك في الثاني والعشرين من مايو 1990م. الأمر الذي يدل على أننا اليوم أمام أطراف أو قوى (مرتبة) أوضاعها وجاهزة للانقضاض على كل ما هو جميل فقط حين تحين لها (الفرص) وترى هذه القوى أن الفرصة سانحة وأن موجة التغيير والأحداث التي تعيشها بلادنا والمنطقة تكفل لهذه القوى تمرير مخططها بداعي الانتصار لإرادة الشباب وركب قطار التغيير والإصلاح فيما هي تسعى وبجدية لتدميرك لأنك أهم منجز وطني وقومي تحقق خلال العقدين الماضيين وبك رد الاعتبار للأمة ولأحلامها وتطلعاتها القومية. وحدتنا الغالية.. لقد كان بروزك إلى الوجود في ظل حالة الضعف والفرقة في أمتنا وعالمنا العربي , فكنت قبسا في سماء الأمة المعتم , وكنت جرسا يقرع في تجاويف الذاكرة القومية لينبه أصحابها بأن الحلم لم ينكسر وأن الهوية الحضارية العربية عصية على التلاشي والذوبان وأن الوحدة العربية حقيقة وأن طالتها قيم التهميش ردحا من الزمن ..لقد جئت لتعيدي الاعتبار للذاكرة والوعي القوميين, ولتخلقي مناخات الأمل وتجددي مفردات الحلم في الذاكرة القومية الملتزمة بقيم وأخلاقيات الأمة وقيمها وحقيقة وجودها. ولست أيتها الوحدة الخالدة وليدة الساعة ولا مجرد حدث عابر جاء ليذهب, لكنك قدر ومصير هذا الشعب العظيم الذي ضحى من أجل ترسيخ دعائمك بقوافل من الشهداء. وحدتنا الغالية.. إننا ندرك جيداً وفي ظل التحديات التي تواجهينها اليوم أنك لست بحاجة إلى أن نثبت مدى عشقنا وحبنا لك وحرصنا عليك من خلال القيام بمهرجانات واحتفالات وكرنفالات شكلية في ذكرى ميلادك الحادي والعشرين, بقدر حاجتك الماسة اليوم في ظل هذه الظروف والأحداث إلى أن نجسد هذا الحب والعشق لك والحرص عليك في واقعنا وسلوكنا العملي من خلال تكاتفنا جميعاً وتوحيد صفوفنا للوقوف بحزم أمام هذه التحديات ومواجهة كل من يهدد كيانك ويسعى إلى تدمير بنيانك مهما كانت قوته وقوة من يقف وراءه. لأنك مصدر عزتنا وسر قوتنا وبك فقط يمكن أن نتبوأ مكانة مرموقة في عالم اليوم الذي لا يعترف بالكيانات الضعيفة والهشة . ومهما نعقت أقزام الانفصال وتآمر عليك الخونة والعملاء والفاسدون فسوف تظلين يا وحدتنا الغالية قوية وراسخة وأبدية لأنك تحققت بسواعد الشرفاء وتعمدت بدماء الشهداء من أبناء هذا الوطن, فأصبحت بذلك أبدية مادامت الأرض وبقيت السماء, ولأنك كذلك فلن يضرك سم الأفاعي ولا أنياب الذئاب ولا نعيق الغربان, فالشعب قد أدرك بأن قلوبهم ستظل مريضةً وصدورهم لن تصفو وحب اليمن لن يعرف إليهم طريقاً ماداموا في غيهم يسيرون وخطاهم تتحد مع خطى المتآمرين على هذا الوطن. ولن يشوه جمالك الفاسدون فمآلهم حتماً إلى زوال ومآلك للبقاء ما دامت الأرض وبقيت السماء. وختاماً أقول لكل من يتربص شراً بوحدتنا الغالية ما قاله شاعرنا المبدع عباس الديلمي في قصيدته يمن الأمجاد : وحدتي من رام منها أن ينالا خاسراً يطلب خسراً وزوالا (*) أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز [email protected]