في مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت تعز د.خالد حسن الحريري المدينة الحالمة في قمة زينتها وروعتها ابتهاجا بالعيد الحادي والعشرين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية والذي كان لمحافظة تعز شرف استضافة وتنظيم فعالياته الاحتفالية الرسمية والشعبية المتنوعة .وكل فرد في مختلف أرجاء وطننا الحبيب شارك تعز وأبناءها تلك الفرحة والبهجة العارمة بهذه المناسبة سواء من خلال الحضور إلى تعز والمشاركة في بعض الفعاليات الاحتفالية أو من خلال متابعة فعاليات الاحتفال بهذه المناسبة عبر القنوات التلفزيونية . لقد هطلت من عيوني دموع الفرح في تلك الليلة التي لن أنساها أبدا , ليلة الثاني والعشرين من مايو العام الماضي عندما انطلقت الألعاب النارية بكثافة من أماكن متعددة في أرجاء المدينة الحالمة , وخصوصا من قمة جبل صبر الشامخ والحاضن الأمين للمدينة ومن جوار قلعة القاهرة المتلألئة بقناديل الفرح والابتهاج بهذه المناسبة الغالية , وأدركت حينها مدى الحب والعشق الذي تحظى به الوحدة اليمنية في قلوب أبناء هذه المحافظة الأبية بشكل خاص وفي قلوب كل أبناء الوطن الشرفاء بشكل عام . لقد كانت تعز وستظل أبدا منبع الحب الأصيل والوفاء العظيم لوحدة الوطن وسيظل أبناؤها الشرفاء مهما تباينت ثقافاتهم وأفكارهم وانتماؤهم السياسي اشد الناس حبا لهذه الوحدة الغالية وأكثرهم حرصا على حمايتها والحفاظ عليها والتضحية من اجلها , لأنهم يدركون جيدا - بحكم ما يتمتع به معظمهم من علم ووعي وثقافة - معنى وأهمية الوحدة والحفاظ عليها خصوصا في هذا الزمن العصيب الذي تشهد فيه العديد من البلدان والشعوب ومنها بلادنا متغيرات داخلية وخارجية متباينة ومتسارعة يمكن أن تؤثر على مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها . أن الأزمة السياسية التي تعيشها بلادنا اليوم - بغض النظر عن أسبابها وأطرافها- يمكن أن تشكل مصدر خطر وتهديد لوحدة الوطن إذا ما طال أمدها وعجز أهل الإيمان والحكمة عن معالجتها وتجاوزها والخروج بالوطن التي بر الأمان , لأن هنالك من يتربص شرا بوحدة الوطن ويتطلع إلى أن تمنحه هذه الأزمة الفرصة المناسبة لتحقيق أهدافه الانفصالية والعودة بوطننا إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو 1990م . لقد سمعنا خلال الأيام السابقة من بعض القيادات الانفصالية في الخارج والداخل دعوات إلى فك الارتباط وتحرير الجنوب واستغلال الأزمة الحالية التي يمر بها الوطن لتوحيد صفوفهم وتحقيق أهدافهم الانفصالية . ولهذا ارجوا وأتمنى من كل أطراف العمل السياسي في الحكم والمعارضة ومن كل فئات ومنظمات المجتمع وخاصة الشباب في بلادنا أن يفوتوا الفرصة على هؤلاء الحالمين بعودة عجلة الوحدة إلى الوراء ويبينوا لهم بوضوح أن حماية الوحدة اليمنية والحفاظ عليها يمثل الهدف والقاسم المشترك بين جميع القوى والفئات السياسية والاجتماعية على الساحة الوطنية مهما كانت خلافاتها . فالوحدة اليمنية خط احمر لا يمكن ولن نسمح لأي احد بتجاوزه والمساس به مهما كانت قوته أو قوة من يقف وراءه في الداخل أو الخارج . وختاما أقول واكرر: بأن على الجميع أن يدرك تماما أن الوحدة اليمنية ستظل بمشيئة الله أبدية لأنها صيغت بأيدي الحكماء وتحققت بسواعد الشرفاء وتعمدت بدماء الشهداء فأصبحت بذلك أبدية مادامت الأرض وبقيت السماء , ولأنها كذلك فلن يضرها سم الأفاعي ولا أنياب الذئاب ولا نعيق الغربان . فالوحدة قطار لن يتوقف سيره فعرباته تحمل هذا الشعب العظيم وعجلاته تسير على قضبان التطوير والتعمير والتغيير وحارسها هو العلي القدير جل شأنه , جعل الوحدة خيارنا والتوحد قدرنا والالتئام سبيلنا ونفضنا بالوحدة رق الفرقة وعبودية التشطير وعرفنا من خلالها معنى العزة بعد الذلة ومعنى الأمن بعد الخوف ومعنى القوة بعد الضعف ومعنى الوئام بعد الانقسام . ووحدتنا أبدية لن يشوه جمالها الفاسدون فمآلهم حتماً إلى زوال ومآل الوحدة للبقاء ما دامت الأرض وبقيت السماء . (*) أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز