تستعد الحالمة تعز وتتجمّل اليوم ابتهاجاً بذكرى الوحدة اليمنية، هذه المفردة الجميلة والحدث الأسمى والغاية التي ناضل من أجلها كل الشرفاء المخلصين في هذا الوطن على مرّ العصور وضحّوا من أجلها بأغلى التضحيات العظيمة. لقد كانت وستظل تعز الحالمة منبع الحب الأصيل والوفاء العظيم لوحدة الوطن، وسيظل أبناؤها الشرفاء مهما تباينت ثقافاتهم وأفكارهم وانتماءاتهم السياسية أشد الناس حباً لهذه الوحدة الغالية وأكثرهم حرصاً على حمايتها والحفاظ عليها والتضحية من أجلها, لأنهم يدركون جيداً بحكم ما يتمتع به معظمهم من علم ووعي وثقافة معنى وأهمية الوحدة والحفاظ عليها خصوصاً في هذا الزمن العصيب الذي تشهد فيه العديد من البلدان والشعوب ومنها بلادنا متغيرات داخلية وخارجية متباينة ومتسارعة يمكن أن تؤثر على مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها. ورغم إدراكنا جميعاً بأن مسيرة الوحدة اليمنية قد اعتراها بعض الصعوبات ومظاهر القصور والتجاوزات والممارسات الخاطئة, والتي لابد من العمل على معالجتها والتعامل معها بالشكل الذي يعزز من قوة بنيان هذه الوحدة ويزيد من التلاحم والانسجام بين مختلف أبناء هذا الوطن الواحد, فكل حديث عظيم بحجم الوحدة لابد أن تعترض مسيرته صعوبات وتجاوزات وأخطاء, لكن ذلك لا يعني أن تشكل هذه الصعوبات والتجاوزات والأخطاء مبرراً للردة والانفصال والعودة بوطننا إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو 1990م, لأن هذه الصعوبات والأخطاء والتجاوزات نتاج تصرفات وممارسات خاطئة لأشخاص أو أطراف سياسية هنا وهناك ومن السهل معالجتها وإزالة مسبباتها وآثارها بالحوار الوطني الجاد والمسئول بين مختلف أطراف العمل السياسي على قاعدة الحفاظ على الوحدة وتصحيح مسارها وليس الرجوع عنها وتقويض بنيانها. فالخلافات والتباينات في الآراء والمواقف بين الأحزاب والتنظيمات السياسية في بلادنا الحبيبة يجب أن تكون في إطار حرص الجميع على وحدة الوطن وتقدمه وأمنه واستقراره، لأن الوطن ملك للجميع وليس ملكاً لجهة أو فئة محددة أو حزب أو تنظيم معين والوحدة اليمنية ملكنا جميعاً كيمنيين لأنها سر تقدمنا ونهضتنا وعنوان وجودنا ومصدر عزتنا بين الأمم، ويمكن أن نختلف كأحزاب وتنظيمات في سياسات واستراتيجيات وأساليب الحفاظ عليها وترسيخ دعائمها، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن يستغل البعض مساحة الحرية المتاحة اليوم بعد ثورات الربيع العربي واليمني بشكل خاص ليبدأ التغريد خارج سرب الوحدة ويدعو الآخرين من أبناء هذا الوطن الواحد إلى الخروج عن هذا السرب المبارك سواء بقوة المال أو بقوة السلاح وأعمال الفوضى والشغب, دون اعتبار وإدراك من هؤلاء الأشقياء بمتغيرات ومتطلبات الواقع, والاعتبار بما يجري اليوم بين حكومتي السودان وجنوب السودان اللتين انفصلتا حديثاً من مشاكل ونزاعات وبداية حرب وشيكة وطويلة المدى بينهما!! إن أبناء تعز مدينة العلم والثقافة أكثر وعياً وإدراكاً بأهمية وعظمة الوحدة، ولن تؤثر فيهم أفكار وخزعبلات دعاة الردة والانفصال، لأنها أفكار مريضة وهشّة تحملها عقول فارغة من كل معاني الخير والانتماء والحب للوطن والوحدة، ومهما تعالت هذه الأفكار السيئة والأصوات النشاز فلن تتمكن من تعكير صفوة أفراحنا بوحدتنا العظيمة، وسوف تظل تعزالمدينة الحالمة بالخير والتقدم لهذا الوطن شامخة كشموخ الجبل الحاضن لها “صبر” في وجه كل من تسول له نفسه المساس بوحدة هذا الوطن وأمنه واستقراره، وستظل تعز دائماً عند حسن الظن مدرسة للثقافة والفن متعالية عن كل أشكال وألوان الفتن رافضة لكل الخارجين عن سرب الوحدة والمصابين بفيروس الردة وداء التشرذم والانفصال والعداء لكل ما هو جميل في هذا الوطن. افرحي أيتها الحالمة يامحراب وحدتنا الجميلة بذكرى الوحدة كما يحلو لك أن تفرحي وأطلقي زغاريد الفرح من كل أرجائك وحناجر أبنائك, ذكّري العالم ونادي بأعلى صوت أن الوحدة اليمنية غالية لا تقدر بثمن رضي من رضي وغضب من غضب, فهي مصدر عزتنا وسر قوتنا في زمن لا يعترف بالضعفاء والكيانات الهشة، وهي قلبنا النابض بالعزة والكرامة ولا يمكن بأي حال من الأحوال وفي أي زمان ومكان لأي إنسان طبيعي أن يتخلى عن قلبه ويتنازل عن كرامته أو أن يسمح لأحد أن ينتقص منها، فالحياة بلا كرامة لا معنى لها وهي كذلك بدون الوحدة لا قيمة لها. حفظ الله وحدتنا الغالية من شر كل ظالم ومتربص بها وحاقد عليها ومن كل من يحاول تقويض بنيانها إنه ولي ذلك والقادر عليه وحسبنا الله ونعم الوكيل. *أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز