ثمة أسئلة تولد من رحم الأزمة الراهنة كل يوم والكثير منها جاء بعد طريقة التوقيع على المبادرة الخليجية حين وقعت المعارضة في مكان ووقع المؤتمر وحلفاؤه في مكان آخر.. ما حدث جعل من المبادرة كبقرة بني إسرائيل الصفراء الفاقعة اللون (فذبحوها وماكادوا يفعلون ) وهكذا هي المبادرة وقعها الطرفان بالصورة التي تمت وبما سبقها من أسئلة وتساؤلات ، وبما جرى من تعقيدات وبما بقي من تلك التعقيدات للأيام القادمة ، نعم لقد وقّعوها وماكادوا يفعلون والعملية موجهة للطرفين ويمكن لأبسط مراقب وأكثرهم حُسن نية أن يفهم بأن النوايا الطيبة غابت عند الطرفين وبسهولة سَيُلقي كل طرف بالأسباب على الآخر .. الأسئلة التي ولدت في الساعات الماضية كانت مخيفة حقاً ولن يزيل خوفها أجوبة كل طرف على حدة ، ولعل أول الأسئلة: لماذا وصلت الأمور إلى ماوصلت إليه ولدرجة دفعتنا للحاجة إلى مبادرة لفض الخلاف وتفادي الاشتباك والحرب ؟ وإذا مااعتبرنا أن شياطين الإنس والجن في الداخل والخارج قد دفعوا بالأوضاع لتصل إلى ماوصلت إليه ، أما كان بالإمكان الاستعاذة بالله منهم والتفكير بمصلحة البلاد والعباد وإغلاق باب الشر العظيم الذي يبدو أن لامبادرة يمكنها أن توصده حتى اللحظة؟ لماذا التوقيع عليها أصلاً إذا كانت مراسيم التوقيع تمت في مكانين بعيدين عن بعضهما ، ولم يلتق أطراف الأزمة للتوقيع المتزامن ولإثبات حُسن النية والاستعداد للعمل سوياً في المرحلة القادمة ؟ ومافائدة التوقيع إذا ظل كل طرف في وادٍ بعيد عن الآخر ؟ وكيف سيتم تنفيذ بنود هذه المبادرة في ظل وضع كهذا ؟ كان ينبغي على الإخوة الأشقاء الأحبة في مجلس التعاون الخليجي أن يجمعوا الطرفين على مائدة المراسيم الواحدة للتوقيع كجزء من جهودهم المشكورة لإحداث مصالحة بين الأطراف السياسية وكمقدمة لضمان التنفيذ لما جاء في مبادرتهم ولكسر جليد الخصام القائم وأؤكد أن العملية صارت خصومة شخصية ولولا ذلك لما أصرَّ البعض على توقيع المبادرة بعيداً عن الطرف الآخر . ومن هنا يمكننا أن ندرك جيداً أن ذبح البقرة لم يكن إيماناً قاطعاً وحقيقياً بالأوامر التي قضت بذلك وهنا سر ومعنى قوله تعالى (وماكادوا يفعلون ) رغم أنهم قالوا الآن جئت بالحق .. هذا الحال ينطبق تماماً على المبادرة غير أن أطراف الأزمة ليسوا أصحاب البقرة حتى لايقول أحد بأننا نتهم الناس باليهودة ، لكن السيناريو الذي حدث يشبه سيناريو بني إسرائيل مع ذبح البقرة الصفراء التي أمرهم الله بذبحها ، وهذه المبادرة ليست من عند الله بالطبع ، لكن الله يأمر بالوفاق والوحدة بين المسلمين ويأمر بالعدل والإحسان والاعتصام بحبله المتين . لقد أشاع أطراف الأزمة الخوف والقلق بين الناس طيلة فترة الأزمة وخلال فترة التوقيع عليها وظن الناس ومازالوا يظنون بأن الأمور سوف تذهب إلى الصراع في أية لحظة من الآن فصاعداً بعدما كشف التوقيع على المبادرة أن النوايا سيئة وأن الثقة بين الأطراف قد أصابها خلل يصعب مداواته وإعادتها إلى المسار الطبيعي وبأن من المؤكد أن الحل لن يحصل إلاّ توافقياً مهما حسب كل طرف أوراقه الرابحة في الأزمة فلسوف تعبث رياح الصراع بكل الأوراق وتفقدها قيمتها فليحذر الجميع من حسابات خاطئة قبل اندلاع شرارة الصراع .