ثمة تساؤل يطرح نفسه أمام نصف قرن من عمر الثورة اليمنية ، ألم نستطع أن نقيم دولة النظام والقانون حتى اليوم ؟ صراعات اليوم تقول لنا إن القبيلة التفت على الثورة ، انحرفت بمسارها لتكون غنيمتها الكبرى . الرقص مع الثعابين طيلة العقود الماضية أتاح لهم التكاثر، ولّد لديهم حالة من الاستقواء، جعلهم يشعرون أنهم فوق القانون وأكبر من الدولة ، بل وصل الغرور بهم للاعتقاد بأن الدولة حمارهم الدائم وخزينتهم التي لاتمل ولا تكل، إنها مهزلة التاريخ اليمني المعاصر. اليوم الثعابين تأكل بعضها، صراع الكينونة ، إبراز كل عضلاته وقدراته لسحق الآخر وابتلاعه ، تكتلات المصالح في عمق القبيلة أبان الوجه الحقيقي للدولة والعقود الماضية من نضال الإنسان اليمني، الثورة لم تكن سوى فصل درامي في مسرح الواقع المُر، والصراع الخفي بين الإنسان اليمني وشبكة من المرتزقة والمصالح والمشاريع الإقليمية التي تسعى على الدوام لاستنساخ أدوات لها وعاملين تحت منظارها ووفقاً لخططها وأحلامها وأوهامها . المؤسف أن يدعي الجميع رغبتهم في الدولة المدنية والنهج الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وتجنيب اليمن الانزلاق إلى الصراعات القبلية والمناطقية في اللحظة التي يكرس كل بطريقته الولاء للقبيلة قبل الدولة، الرغبة في الفوضى، الحرب ضد النظام وكسر هيبة القانون.. وهكذا تسير الأمور . ثورة الشباب السلمية في ساحات الاعتصامات تم الالتفاف عليها وتوظيفها لمصلحة أطراف ، أصبح ولاء الثورة الشبابية للقبيلة ، انسحبت من حيث لاتعلم لتكون ورقة ليس إلاّ في ملف الصراع القبلي ،حتى سلمية الثورة تحولت إلى شعار إعلامي بقصد الضغط باتجاه ترجيح كفة القبيلة على الدولة ، القبيلة وأمراء الحروب هم الورم الدائم في فخ الدولة وخاصرتها منذ نصف قرن من عمر الثورة والدولة . ثورة الشباب السلمية هدفها الأول بناء وترسيخ الدولة المدنية ، لماذا تحولت بكل ميادينها وشبابها وزخمها لتصبح عبارة عن أدوات أو عسكر يوجهها أولاد الأحمر للتدمير والتخريب وفق مصالحهم وخططهم وأحقادهم؟ شكلوا الثورة الشبابية على مقاسهم ووفق توجهاتهم ومشاريعهم ومؤامراتهم . اليمن بحاجة ماسة لثورتكم السلمية ، لبناء الدولة المدنية، لا للانتصار للقبيلة من الدولة ، حتى وإن حاول البعض الزج بثورتكم في هذه الزاوية الضيقة ، عليكم التفكير العميق وتصحيح مسار الثورة والاعتراف بأنكم أوكلتم من حيث لا تدرون ، الممول والمتبرع هو صاحب القرار في الساحات ، هذه قوانين المصالح والصراعات والتكتلات والحروب الخفية وصناعة الأوراق. السلطة والمعارضة يتحملون مسئولية مايحدث وما آلت إليه الأمور، لعنة التاريخ ستلحقهم جميعاً إن لم يعد الجميع لرشدهم ويتحملون مسؤولية مرحلتهم بدلاً من التعسكر مع الفوضى كل حسب مصالحه بصورة توحي بالسخرية والمهزلة . النُخب اليمنية أصبحت عبارة عن قوالب من الشمع تُصنع أو تُشكل حسب المصلحة والرغبة والحاجة، رجال المبادىء والمواقف الوطنية يبدو أنهم فقدوا التوازن، حالت الظروف دون وجودهم، لم يعد في الساحة سوى المصالح وأمراء الحروب وبقايا وطن . [email protected]