غاب دور المثقف اليمني في الأزمنة الراهنة ، وكأنه لايوجد في الساحة غير الغربان ، غربان الخراب من رعاة الفتنة وماينتج عنها. أما دور العلماء فهو الآخر قد لاذ بالصمت، وإذا كان العلماء الذين سلط عليهم الضوء الإعلامي من فترة طويلة قد اتضح أنهم حزبيون للأسف الشديد ، فلقد كان منتظراً أن يبادر العلماء المستقلون بدور إيجابي بالبيان والتبيين والنصح والإرشاد ، على قدر حالهم بجهلهم بطبيعة الشأن السياسي ، لأن من الفوائد الايجابية للحزبية أنها تضع المرء أمام المشهد العام مهما كان منقوصاً.. أما حضرة المثقف فقد غاب تماماً، وربما كان السبب أنه لاسند له ، لامن الحزب ولا من الدولة . وحدثني زميل أكاديمي جامعي بأنه عرض عليه مرتب مضاعف لو أنه التحق بركبهم الحزبي ، وقدر للحكومة أن تقطع مرتبه !! وبالمناسبة بلغ من سماحة الديمقراطية اليمنية استمرار مرتبات المدرسين وغيرهم وهم منقطعون للتظاهر ضدها في ساحة التغيير ، وهذه خصوصية يمنية فريدة لاتوجد في أي مجتمع ديمقراطي في العالم ! إن المثقف اليمني الآن مستهدف، سواء أكان حزبياً أم مستقلاً .. مستهدف لأنه قد حسب إما على الحكومة، لأنه لم يقم بصياغة بيانات تحدد موقفه من هذه الجهة التي لم يقف موقفاً صارماً من الفوضى ، فوضى التلاعب بالأسعار، وإما على المعارضة، لأن المثقف لم يحدد موقفه من هذا الخروج السافر على النظام والقانون ، والمثقف معذور، لأن الأمر تشابه عليه ، فآثر السلامة ، لائذاً بصمت القبور! مايحدث الآن من هرج ومرج يدل على فراغ المساحة التي تركها المثقف المستقل وعالم الدين المستقل والشيخ الوطني المستقل.. أي أن المثقف والعالم أهملا دورهما في عملية البناء والتعمير ، بناء العقول وتوجيهها نحو الطريق الصحيح. قد يكون ماحدث ويحدث الآن ، مفيداً جداً للمراجعة ، ليصدر قانون يحرم الحزبية على أساتذة المدارس على الأقل ، ويكون عدم الانتماء الحزبي شرطاً أساساً من شروط قبول المدرس في سلك التربية والتعليم، وكذلك رفض العالم الديني في كادر الإرشاد وجهة توظيفه إذا كان حزبياً ، وأستاذ الجامعة أسوة بالقضاة ورجال الجيش والأمن ، ثم تطبيق هذا القانون بأثر رجعي على القضاة والمعلمين وبعض رجال الجيش والأمن الذين كذبوا على الله ورسوله وقالوا إنهم غير متحزبين وظهروا خلاف ذلك . وإلا فما سبب حرمان عشرات بل مئات الألوف من الدروس في المدارس والمعاهد والجامعات غير هذا الولاء الحزبي الشيطاني المقيت ، على نحو جاهلي هستيري متخلف .. فأين الإسلام من هذا السلوك إذا كنا نذهب إلى أن القرآن شريعتنا والإسلام غايتنا ومحمد رسول الله هادينا؟ إن الله يأمر بالمعروف وينهى عن الفحشاء والمنكر، أليس صد طلاب العلم عن التعليم منكراً؟ أليس إبليس وجنده هم الذين يدعون للجهل والتخلف . المثقف اليمني مطلوب إليه أن لايفسح مكانه للعبث والفوضى وكذلك رجل الدين والشيخ الوطني .