وحده التفكير السوي المجرد من المواقف الشخصية كفيل بأن يكشف حقيقة ما يحدث اليوم في الساحة اليمنية ويبين من على حق ومن على غير ذلك.. سوف يكشف العقل السليم خطأ الأقوال والأفعال والتصرفات والسياسات والمواقف التي ينتهجها البعض لإدارة الأزمة الراهنة التي وصلت إلى الصراع المسلح في غير مكان.. حين نفكر بتجرد من الحزبية ومن المواقف الشخصية سوف ندرك أسباب الحرب التي تدور في مناطق مختلفة من البلد، وهناك سوف يطل أهم سؤال وهو: هل يجوز لمواطن أن يقاتل الدولة مختلقاً المبررات والأسباب؟ وهل يجوز للأحزاب السياسية التي تعمل وفق القانون والدستور أن تؤيد هذا التوجه لحسابات سياسية ليصل البلد إلى حالة اقتتال تهدد أمن الوطن والناس؟ نثق ونؤمن يقيناً بأن الحق سوف ينتصر في نهاية المطاف وان الخير سوف ينتصر، ولكن ما ذنب الأبرياء الذين يدفعون أرواحهم ودماءهم وأموالهم ثمناً لهذا الصراع الذي لم يكن ضرورياً من جهة الأفراد والأحزاب للتمرد على الدولة بسلطاتها المختلفة ثم لماذا تدمر المؤسسات العامة والخاصة وتهدر مقتدرات البلد والشعب وتلحقهما النيران في أزمة قامت وتقوم على العناد والمكابرة ؟ لماذا تتعاطى بعض الوجاهات والأحزاب مع البلد وكأنه ملك السلطة لا ملك شعب وأمة، فيجري تدميره في أزمة خلاف مع السلطة ؟ كل هذه الأسئلة حين تخضعها للعقل السليم والسوي والمجرد من الأهواء والحسابات الخاصة والشخصية فإن الأجوبة سوف تكشف كل الحقائق وسيدرك الجميع ما الذي يحدث في البلد وما الذي يحرك الأحداث ومن يحركها ويوجهها لتسلك سبل العنف والخراب والموت؟ سوف يدرك الجميع بأن الخاسر الوحيد هو هذا الشعب الذي يخسر كل يوم من أمنه واستقراره ومن قوت يومه وأمواله وسائر حقوقه، والمهدد في وحدته وسلمه الاجتماعي وفي حياته في كل الأحوال في ظل الصراعات المسلحة والحرب الأهلية التي بدأت تفتح أبوابها ونخشى ان تنفتح سائر أبواب الاقتتال والنزاعات فتصبح اليمن ساحة حرب مفتوحة وما قد ينجم عن هذا الأمر من مخاطر وأخطار لا استثناء لشيء منها .. أشد ما يزعجنا جميعاً هو تلك المحاولات للتهوين من تبعات ما يحدث ويخدع الناس بأن ما يحدث هو الوضع السليم والطبيعي وهو السبيل الأمثل للوصول إلى ما هو أفضل وان كل ما يحدث لا يعد شيئاً ولسوف يزول في لحظة سحرية وبعصى سحرية بمجرد سقوط النظام القائم.. هكذا نسمع ونرى من يقول مثل هذا الكلام المضلل جهاراً نهاراً استخفافاً بالعقول والوعي والإدراك عند سائر الناس .. الوطن يعاني أشد ما تكون المعاناة وبعض أهل العلم والسياسة كما يسمون أنفسهم ويسمونهم أنصارهم يخدعون الناس بحلو الكلام ويطمئنونهم بالوهم والسراب وهم يشاهدون وطنهم يتألم مما يعاني ومن معاناة هم أهم أسبابها وهم جل المصاب الذي حل باليمن أرضاً وإنساناً.. هكذا تحكي اللحظة التاريخية بأن مصاب هذا البلد يكمن في أحزاب وسياسيين وأصحاب نفوذ رأوا في مصلحتهم وأحزابهم وأنصارهم قيمة أعلى من قيمة وطن وشعب ومن أجل تحقيق تلك المصالح لم يعد يؤثر فيهم موت الأبرياء ودمار المؤسسات والمنازل ولم يعد يؤثر فيهم مشهد الموت اليومي الذي يطال المتحاربين والواقعين بينهم وكلهم أبناء هذا البلد لولا ان الشيطان قد نزغ بينهم وأشعل الفتن والحرائق.