«نصح» دريد بن الصمة” قومه ذات يوم، فلم يستمعوا له، إلى أن حدث ما كان يحذرهم منه، فاعترفوا له بسداد الرأي، وندموا على مخالفته، وسخريتهم منه، غير أن ذلك كان بعد فوات الأوان. العرب والمسلمون بحاجة ماسة لأن يقرأوا التاريخ بشكل جيد، ويفهموا أحداثه، وتجارب الأمم والأقوام التي عاشت قبلهم ومن المؤكد أن قراءة التاريخ سوف تساعد كثيراً على فهم الحاجز ورسم صورة للمستقبل المأمول. اليوم نستطيع القول إن الصورة مشوشة في أنظار العرب والمسلمين ..صار بعضهم للبعض عدواً وصارت القضية المصيرية عندهم تكمن في هذا العدوان ومع أن الأحداث تسير بصورة واضحة تساعد على تفادي الكارثة، إلا أن عمى البصائر وطغيان الحقد والكراهية أعمى الأبصار وأغلق أبواب الفهم وعطل المنطق السليم. مهما يكن الخلاف في وجهات النظر حول حقيقة ما حدث في مصر خلال الأيام الماضية، فإن الدرس الكبير الذي يجب على الجميع الاستفادة منه هو أن المسألة برمتها لا تعدو أن تكون مجرد لعبة دولية. هل يستطيع العرب والمسلمون إدراك حقيقة أن السياسية الغربية تحديداً لا تعترف بالعواطف، ولا تؤمن بالتحالفات، لا تحترم وعوداً تقطعها في لحظة ما؟ اعتقد أن “مرسي” وجماعة الإخوان المسلمين في مصر قد تعرضوا لخدعة دولية كبرى لأسباب ذات صلة بما سبق عن السياسة الغربية التي لا تعترف بشيء لا يخدم مصالحها حتى الديمقراطية. والخديعة الكبرى التي وقع فيها المسلمون جعلتهم يعتقدون أن عداواتهم لبعضهم سوف تقربهم إلى الغرب زُلفا.. تماماً كما ظن المشركون في عبادتهم للأصنام أنها تقربهم من الله أو هكذا قالوا ومن أجل هذا التقريب أشرك المشركون بالله، وعادى مسلمو اليوم بعضهم من أجل أن ترضى عنهم أمريكا ويرضى عنهم الغرب سيقول قائل غير هذا الكلام، وأقول: إن ما حدث يُفترض أن يزيل عن عقول العرب والأعراب الغشاوة التي تمنع عنهم الفهم، ويزيل عن قلوبهم الحقد والعداوة لبعضهم عليهم أن يفكروا بأسس للتعايش وبناء الأوطان بعيداً عن الصراع على السلطة والكراسي والمكاسب والثروات. عليهم أن يعترفوا أن سياسة الخلع والقلع وتصفية الحسابات لم تعد كما لم تكن من قبل سياسة صحيحة. المظلوم يُصبح ظالماً والخالع يُصبح مخلوعاً حتى لم نعد نعلم من الخالع ومن المخلوع وقد صار اللقب ينطبق على الجميع وسيأتي من يحمله لينسى الناس مشكلتهم الحقيقية وينشغلوا بالألقاب والخلع والنزع. التجربة صارت واضحة ولا أحد يزهو على أحد بأنه انتصر وسجن وصفى حساباته ..الحسابات بهذه الطريقة لن تكتمل وكل يوم سوف تنفتح سجلات جديدة للحساب.. شركاء الوطن أبقى لبعضهم ومن أجلهم ومن أجل مصلحة أوطانهم، وعلى الجميع أن يعترفوا بحقيقة أنهم خدعوا وشربوا كأساً زائفة لا تروي من عطش ولا تصحح وضعاً خاطئاً وعليهم جميعاً أن يؤسسوا لصيغة مناسبة للتداول السلمي للسلطة ويفوتوا الفرصة على من يدفعهم نحو الحروب الأهلية والاقتتال المذهبي والسياسي. سوف تتضح حقيقة اللعبة من خلال تصريحات السياسيين في الغرب تجاه ما حدث في مصر، وعلينا أن نفهم ذلك بعيداً عن الشماتة والقناعات الشخصية، ونعترف بشجاعة أن من ضحك بالأمس سوف يبكي اليوم ومن بكى سوف يضحك ليصفي حسابه مع من أبكاه ..وفي النهاية سوف يبكي الجميع ولن يضحك منهم أحد، والخسارة سوف تطال الجميع فليغير الجميع طريقة التفكير ويعيدوا تنظيم الفكر والحسابات على أسس صحيحة. رابط المقال على الفيس بوك