ثمة حكايات متعبة وشائكة استهلكت اليمن الأرض والإنسان، توزعت الحياة اليومية، وتحولت وفق خطوات الأقدار لا خطط المخرج نحو إعادة صياغة الحاضر واصلاحه وتغييره بما يخدم اليمنيين ويعزز ثقتهم بأنفسهم. راهن الفرقاء على تضييق خناق المعيشة وتجويع اليمنيين في حكاية تأصيل قواعد الفساد، حتى تحول وفق خطط الإفساد إلى ما يمكن أن نطلق عليه بالفساد الوطني، لكن ووفق قواعد الحياة انعكس ذلك الدور وتحولت تلك الحكاية لتشكل مادة الإحراق الحقيقية لكل المحاور والأطراف والأدوار والأشخاص الذين شكلوا الأدوات المؤثرة في تخليق الفساد وإشاعته في مجتمعنا اليمني. الحكاية السياسية في الساحة اليمنية امتهنت الواقع واعتقدت أن الصراع والمراهقة السياسية احتراف لا أخلاق له، الأمر الذي دفع بفرقاء العمل السياسي في اليمن إلى ما يشبه الماراثون المجنون لا قواعد له ولا ضوابط ولا قيم ولا ضمير ولا مرجعية، كل يخطط لاقتلاع وتدمير الآخر المختلف معه بكل اللغات والوسائل والأسلحة. اليوم وبعد صراع محتدم استخدم فيه الأطراف السياسية والقبلية كل قدراتهم التدميرية، مازالت حكاية الصراع والاستقواء القبلي والمناطقي تفرض نفسها ووجودها كفاعل لا يمكن تجاهله، استهلكت العقود الخمسة من عمر الثورة اليمنية. الفوضى المتفاقمة في الشارع اليمني حكاية مستمرة ومتنامية في ظل انحسار هيبة الدولة وغياب الردع اللازم ضد كل من يسعى لإقلاق السكينة العامة أو يستغل حاجات المواطنين وبحثهم عن المواد الغذائية أو غاز الطبخ والمشتقات النفطية، أصبح الأمر استغلالاً همجياً للأحداث. المجتمع اليمني يكتظ بالشرفاء والخيرين ورجال المواقف واللحظات الصعبة لكن ما يظهر في الواقع هو أن هؤلاء الخيرين فقدوا زمام المبادرة، رحلوا المسئولية الوطنية والأخلاقية إلى أجل غير مسمى في الوقت الذي نحن في أشد الحاجة للدور المسئول حفاظاً على ما تبقى. ترك المواطنين للاستغلال البشع يزيد من تأزم الحالة وتفاقم الفقر، الوضع الراهن يستدعي ترك العناد المتبادل والصراع المجنون والتوجه صوب لملمة الأمور، انقاذ اليمن من الفوضى واجب مقدس يمليه الدين والأخلاق والإنسانية والانتماء الوطني. الفوضى حكاية لا تخدم أحداً ولن يستفيد منها سوى مصاصي الدماء وعديمي الضمائر والقيم والأخلاق وسوف تأتي على الجميع، سيدفع اليمنيون إلى المحرقة الاقتصادية والتاريخية والحضارية والإنسانية، لذلك كان على كل الشرفاء أن يبادروا للعمل وتقديم الأفضل والحيلولة دون وقوعنا في الهاوية. الاحتجاجات التي تعتمل في الشارع والوعي اليمني يجب أن لا تندفع باتجاه الصراعات المحتدمة والتكتلات القبلية والمناطقية، ويجب أن تبتعد بعيداً عن المزايدات والمشاريع المسبقة والمتربصة سلفاً. أن اليمن اليوم يحتاج إلى التعقل والحكمة. [email protected]