في الأزمة التي يعيشها شعبنا الصبور، عرف المواطنون مشاهدة وسماعاً فنوناً من الإعلام .. فن كاذب لأنه انحاز بدافع سياسي وفن حزبي يختلق الأحداث اختلاقاً ويروج لها وفن يقوم مقام المدافع المسكين يخلط بين المواقف ، ولايتكئ على مصادر ذات ثقة ، فيضطر أن يلفق ويداري، فتكون النتيجة اضطراباً وبلبلة وتهريجاً . وزاد الطين بلات كثيرة وجود مايسميهم هذا الإعلام أو ذاك (محلل سياسي) فلا يوجد تحليل سياسي، لأن التحليل السياسي علم له قواعده واجراءاته وضوابطه ومن هذه الضوابط استقاء الخبر من مصدره الموثوق والإحاطة بالجو الخاص والعام وقراءة ملابسات الأحداث التي تربط الأمور ببعضها ، ثم عملية الإسقاط .. وقد يكون التحليل بعد كل ذلك مصيباً أو مخطئاً ولايقول المحلل السياسي أن تحليله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولكنه اجتهاد. أما إعلامنا وخاصة المعارض فإنه لايحلل بل تبدو الأحداث أقرب للتنجيم منها للتحليل العلمي المنضبط وبالرغم أن بعض هؤلاء (المحللين) يحاولون الظهور بمظهر المحايد والمنهجي إلا أن الصفة الحزبية تظهر بجلاء ووضوح .. ومن هنا فإن كثيراً من اليمنيين في الداخل والخارج حدد موقفه من بعض القنوات الإعلامية، لأنها حددت موقفها كطرف صراع،وهذا ما يتنافى مع أبسط القواعد المهنية التي يدرسها طلاب كلية الإعلام في العالم ... ويبدو أن بعض القنوات العالمية قد ارتكبت خطأ مهنياً فادحاً أساء لسمعتها، وذلك حينما اختارت مراسليها إما من الأحزاب أو من المتعاطفين مع هذا الحزب أو ذاك.. وربما الجأها الخيار الاقتصادي لهذا الإجراء ، وهي تدفع ثمناً باهظاً، وهو خسارة المشاهدين أو المستمعين . يفترض في عصرنا الحاضر أن يتحرر الخبر من المؤثرات السياسية أو أي مؤثرات أخرى ولو بنسبة يكون الخبر أقرب إلى الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، لأن من الصعوبة بمكان أن يكون الخبر حراً طليقاً كما حدث في الواقع. غير أن كثيراً من الناس فضل طريقة رآها أكثر جدوى وهي أن لايسمع الأخبار مطلقاً ، ويكتفي بما ينشره ركاب الباص من أراجيف تصل حد المشاغبة بالأيدي ، بينما لاعبات ( الودع ) وضاربات (الفال ) وقارئات (الفنجان ) يسخرن من رجال السياسة لأنهن أكثر منهم براعة ومهارة في تزوير الحقائق وصناعة الكذب.