هاهو الشهر الكريم يودعنا وقد انقضت أيامه ولياليه متسارعة كأنه “ ماسلّم حتى ودع”.. وشعورنا هذا نتج ربما للحالة غير العادية التي تعيشها بلادنا هذا العام والظروف غير العادية العامة المتأزمة التي يعاني منها شعبنا اليمني في ظل الأزمة السياسية الخانقة.. لكن !!! وبرغم كل شيء والحمدلله رب العالمين فقد عاش شعبنا هذا الشهر المبارك بروحانية أكثر نقاء وصفاء وكأن أيام وليالي هذا الشهر الفضيل قد جاءت هذا العام وبصورة خاصة لشعبنا اليمني وقيادته الشرعية وأحزاب المعارضة قد جاءت بمثابة استراحة قصيرة لتهدأ فيها النفوس وترجع فيها العقول المغرر بها إلى جادة صوابها وتبدأ القلوب التي في الصدور بتنقية سرائرها ومشاعرها وضمائرها الإيمانية والتعبدية والأخلاقية والسلوكية والوطنية.. الخ لتصحو جميع أطراف الأزمة الحالية من غفلتها ومن عصبيتها وجهالتها أيضاً وتعود مع قدوم وحلول هذا الشهر الفضيل إلى وطننا روعة الحكمة اليمانية وصدق الإيمان اليمان، ولا ينتهي رمضان إلا وقد اغتسل الجميع بماء المحبة والتسامح والإيثار وتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.. هانحن نودع شهر رمضان كما يودعنا والسعيد منا من يعود به العمر إلى لقاء رمضان مرة ومرات أخرى قادمة.. فهل نحن كشعب وسلطة ومعارضة استفدنا حقاً من هذه الزيارة الكريمة لهذا الضيف الفضيل ؟ وهل عشنا طوال أيامه ولياليه المباركة مع الله تعالى في كل أفعالنا وأقوالنا وكنا صادقي العمل والنيات للخروج بوطننا الغالي من هذه المحنة المؤلمة ؟ أم أننا - والعياذ بالله قد غلبت علينا شقوتنا ومثلما وجدنا رمضان عند قدومه إلينا لم يتغير بنا الحال عند رحيله عنا وكأن شيئاً لم يكن ؟ الحقيقة أنني أترك الإجابة عن هذا للإخوة والأخوات القراء لأن جميع أبناء الشعب تابعوا أفعال وأقوال ومستجدات كل طرف من أطراف الأزمة خلال شهر رمضان وكان للجميع قناعاتهم حيال ذلك.. أقول إنني أترك الحديث عن هذا الجانب وأذهب إلى طرح سؤال أهم وهو: أليس من حق شعبنا بكل فئاته “أطفالاً نساءً شباباً رجالاً شيوخاً..الخ” ووطننا بكل ربوعه المترامية الأطراف أن يعيش فرحة عيد الفطر المبارك بكل تجلياتها وأساريرها ودلالاتها وطقوسها الاجتماعية بعيداً عن كل مايخدش أو يسيء أو يشوه هذه الفرحة ؟ لقد جاء رمضان ومضى وكان الأحرى بجميع أطياف الأزمة المتصارعة على الساحة أن تضع أوزارها جانباً وتستغل هذا الشهر المبارك.. على الأقل كفرصة لها للتعريف بمصداقيتها الوطنية مع الشعب والوطن من خلال برنامج إنساني جليل يقوم كل منها بتفعيله في أوساط المجتمع اليمني الذي يدعون أنهم يعملون من اجل مصلحته وبناء حاضرة مستقبله وخاصة منه ذوي الاحتياجات الخاصة طوال أيام وأماسي رمضان تقوم هذه البرامج على تلمس هموم ومعاناة الناس وحاجياتهم التي كانوا هم ولا يزالون السبب الرئيسي في وجودها واستمرارها والناس وحدهم من يدفعون فاتورة حماقاتهم غير الإنسانية فهل- مثلاً- كانت الأحزاب المعارضة وهي تشمل في تكتلها المشترك أحزاباً على قدر كبير من الغنى والإمكانات على مستوى الحزب أو الأفراد هل كان لهذه الأحزاب من خطوات جادة وفاعلة على هذا المسار ساهمت على مدى شهر رمضان في التخفيف عن الفقراء مثلاً بعض ما يعانوه من خلال العطاء الذي يرسم البسمة في عيونهم ويملأ بطونهم ويروي عطش الصائمين؟ وهل هم الآن أي هذه الأحزاب يعملون على تكرار عطاءاتهم خلال استقبالنا لعيد الفطر المبارك؟ من خلال كسوة طفل يتم وفقير والعمل على تعهد مجاميع من الأسر الفقيرة والأشد فقراً لتتوهج في وجوههم بسمة العيد السعيد- على الأقل- كما نرى ونلمس ذلك من قبل بعض منظمات المجتمع اليمني المدني في بلادنا مثل مؤسسة الصالح الخيرية- جمعية الحكمة اليمانية الخيرية...الخ؟ اعتقد جازماً أن الإمكانيات المادية على المستوى الشخصي أو الحزبي لدى هذه الأحزاب كانت ومازالت قادرة على القيام بمثل اعمال الخير هذه بل أن ما ينفقه شخص واحد من كبار رجال المال والأعمال في أحد أحزاب المشترك ما ينفقه في شهر واحد من شهور الأزمة الماضية يكفي لرسم بسمة العيد السعيد على وجوه بؤساء وبسطاء أطفال الوطن ولكن!!! اعتقد ويعتقد معي الكثير أن الأعمال الجليلة المليئة بالخير الوفير ومؤسساته وجمعياته التي تسابق على الساحة من أجل رعاية يتيم أو كسوة طفل فقير أو إفطار صائم مسكين ..الخ كما اعتقد وهذا من خلال ما يحكيه الواقع – أن الكثير من أطراف الأزمة الحالية في بلادنا لم يعطوا أنفسهم إجازة لفعل الخيرات بالشكل الذي يلمسه جميع المحتاجين أو معظمهم واستمروا مشغولين بتأجيج حجم معاناة الشعب ليزداد الفقير فقراً ويزداد الغلاء فحشاً فلا صوم لمن يتبجحون ليل نهار بحرصهم على مصلحة الشعب لا صوم لهم إلا عن فعل الخيرات ولا إفطار لهم إلا على حساب مصلحة هذا الشعب وهذا الوطن وهنا وللأسف الشديد تتجلى واضحة الصورة القاتمة للمشهد الوطني والإنساني والديني والأخلاقي لدى أحزاب المعارضة من خلال ما قدموه سلباً للناس في رمضان والعيد وبالمثل تماما لدى مكونات السلطة وإذن !! إذا كانت النوايا لدى الجميع لم تصل بعد إلى درجة الإخلاص والصدق ولم يؤثر فيها نور وهدى وروحانية وقدسية رمضان المبارك ليخرج الوطن من أزمته ويتنفس الشعب صعداء معاناته فمتى إذن سنصل إلى لحظة الانفراج؟ ومن ثم وهذا هو الأهم حالياً ونحن نستقبل عيد الفطر المبارك:كيف سيفرح الناس بالعيد ويمارسون طقوسه المعتادة وخصوصاً الأطفال؟ وإذا كان الفقراء من الشعب قد وصلوا وفق واقع الأزمة اقتصادياً إلى قناعتهم المترسخة فيهم بأن العيد عيد العافية وكفى.. فهل بإمكانهم حالياً أن يشعروا بذلك؟ لماذا نسلبهم حتى فرحتهم بالعيد وفق قانونهم “العافية” الأهم.. بمعنى إذا كان أطفالهم لا يلبسون الجديد ولا يستطيعون الحصول على أبسط مطالبهم الصغيرة كالحلويات ويكتفون باللعب في شوارع الحارة في الحديقة ويجدون في ذلك راحة لهم خاصة وهم يتنقلون مع ذويهم لزيارة أقاربهم فهل يستطيعون فعل ذلك الآن؟ بالطبع لا وأظن أن سكان الأحياء المجاورة لساحات الاعتصام في حي الجامعة على سبيل المثال أكبر شاهد عيان للتدليل على ذلك.. نخلص من هذا إلى التوجه بسؤالنا إلى من يهمه الأمر: متى يكون العيد عيد العافية؟ أقصد: على لسان فقراء الأمة أقول: لقد رضينا بالشح والبخل من قبل أغنياء القوم وعدم تعهدنا لا في رمضان ولا في عيد ولا طوال أزمة الوطن السعيد، فهل مكتوب علينا أن نحرم من أبسط مشاعرنا بفرحة العيد؟ فالعافية هي سلامة أطفالنا في الشارع وحرية تنقلنا لزيارة أقاربنا وعدم خضوعنا للبروتوكول اليومي المشين خصوصاً أهالي الحارات المجاورة لساحة الاعتصامات.. كيف نزور وكيف نُزار؟ وإلى متى سنظل نبحث عن بسمة عيد حقيقي مليئة بالمحبة والمواطنة الصالحة؟ أيتها السلطة الشرعية في بلادنا أليس من حق الشعب عليك توفير الشعور المعنوي بالعافية له وإن كنت أحد أسباب شظف العيش لديه؟ خاصة وأن الفقراء في بلادنا هم السواد الأعظم في مجموع تعداد الشعب. أيتها الأحزاب المعارضة التي يعيش أطفالكم وذووكم في نعيم الأفراح والليالي الملاح ابتهاجاً بالعيد السعيد.. ألا تشعرون ولو بقليل من الخجل وأنتم تحرمون أطفالنا حتى من اللعب على أبواب البيوت حرصاً منكم على سلامة أمن المعتصمين، فأي مستقبل ينتظرنا إذا كان هذا هو حاضرنا؟ وأي شعب هذا الذي أنتم تناضلون من أجله كما تدعون؟ لكنه العيد أيها السادة الكرام ويكفينا فرحاً به عشقنا الأزكى للوطن والقائد وثوابتنا الوطنية وعيد سعيد لنا جميعاً ولك أيها اليمن السعيد.