قيل أن امرأة عطارة كان اسمها (منشم) اشترى قوم منها جفنة عطر ,وتعاهدوا على قتال عدو لهم وكانت طريقة تعاهدهم وتحالفهم غمس الأيدي في ذلك العطر فذهبوا إلى المعركة وقُتلوا عن بكرة أبيهم فتطيرّ العرب بعطر منشم وصار مثلاً يضرب في مثل هكذا حالات ,ومن وحي هذه الحكاية قال زهير بن أبي سلمى في معلقته الشهيرة: تداركتما عبساً وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم وهو يشير في هذا البيت إلى من كانوا سبباً في إيقاف الحرب بين عبس وذبيان وقد اوشكتا على التفاني والوصول إلى ماوصل إليه القوم الذين اشتروا عطر منشم وتعاهدوا من خلاله على القتال فهلكوا جميعاً. اليوم يبدو أن لدينا في هذا البلد أكثر من منشم ولاشك أن هناك امرأة يصدق عليها هذا الإسم لكنها ليست عطارة بل نافخة كير , ومن المهم هنا الإشارة إلى أن منشماً الأولى لم يكن لها علاقة بالحرب والفناء سوى أنها باعت العطر فقط فعُرف بها وعُرفت به ,لكننا ندرك أن منشماً التي تنفخ الكير وتشعل الحرائق اليوم على صلة مباشرة بما حدث وبما قد يحدث لاحقاً ,وعلينا جميعاً ألا نتعاهد كما تعاهد القوم من قبل فساقوا أنفسهم نحو الفناء والهلاك. أيها الناس احذروا معاهدات الفناء التي تزينها نافخات الكير ومشعلات الحرائق والفتن ,فليس هناك مايدعو لذلك .. احذروا منشم اليوم فهي ليست عطارة ولا حاملة مسك ويكفي ما قد خسره البلد من شبابه ورجاله وأطفاله ومقدراته يكفي ماقد خسرناه من رجال الأمن والقوات المسلحة التي حرضت عليها منشم اليوم فقُتلوا من غير ذنب سوى أنهم يرتدون لباس الأمن والقوات المسلحة. الخطر العظيم هو أن يستمع الناس لنافخة الكير ولغيرها من الرجال الذين يفعلون مثلها والخوف كل الخوف إلا نجد من يتدارك عبساً وذبيان ويتفانون بسبب كير منشم لاعطرها .. لقد حاولت دول مجلس التعاون أن تتدارك الأمر من خلال مبادرتها التي يراد لها أن تفشل لأن اصحاب الكير يصرون على ممارسة هوايتهم في إشعال الحرائق وإصدار الروائح الكريهة التي تفشل كل المبادرات والحلول. الحقيقة أن زماننا هذا غير زمن منشم العطارة ولا ثقافة قومها مثل ثقافة هذا اليوم التي نحسب أنها أكثر إدراكاً وأن الناس أكثر وعياً ومن المهم أن يتداركوا أمرهم بأنفسهم قبل أن يحل بهم الفناء , والخراب بأرضهم جراء ثقافة التعصب والتشدد ورفض الحلول والتمسك بالرأي الوحيد في مواجهة كل الآراء ,وهو مايعني اغلاق كل الأبواب المؤدية نحو الحلول السلمية ,ولسوف يصبح كير منشم هو البديل لعطر منشم لأن قوم صاحبة الكير تعاهدوا على إشعال الحرائق وفتح باب الخراب العظيم من أجل تحقيق أهدافهم وهذا الذي نراه اليوم يحدث خطوة بخطوة , فهل يتراجعون؟!