لايوجد حياد إيجابي وعدم انحياز بالمطلق..وهذا المصطلح مشهور تحديده ولكنه أخذ وضعه المصطلحي في مؤتمر (بابذونج) اندونيسيا عندما أعلن القادة الثلاثة جمال عبدالناصر وجوزيف بريز تيتو وجواهر لال نهرو عام 1955م، الأول عربي و الثاني يوغسلافي والثالث من الهند. وكانت الفكرة التي انطلق منها الزعماء الثلاثة أن لايميلوا إلى طرف أو قطب من القطبين النافذين المتنفذين في العالم امريكا ومن والاها والاتحاد السوفيتي ومن والاه.. والحقيقة أن هذه الفكرة ماكانت قابلة للتنفيذ على أرض الواقع بل إنها من أصلها لم تكن حياداً ايجابياً وعدم انحياز ,فلقد قرأت مؤخراً كتاب السادات وهي المذكرات التي حررها انيس منصور عن طريقة الاملاء الصوتي، نشر دار المعارف بالقاهرة .. وهذه المذكرات من أولها إلى آخرها شكوى مرة من الاتحاد السوفيتي, وذهب السادات يتهم الروس أنهم القتلة الحقيقيون لجمال عبدالناصر قتلوه ببرودهم وكذبهم ووعودهم الفارغة. قلت لايوجد حياد إيجابي وعدم انحياز حتى في مجال القضاء، فالقاضي يتدخل بهواه بشيء من مزاجه في حكم القضاء بدليل مايطلق عليه (تقدير العقوبة) فللقاضي تقدير العقوبات في بعض الأمور.. إن بعض الرجال ضعيفو شخصية ولايستطيعون أن يحكموا أسرهم، وأحياناً يتعرضون جراء ذلك لعقوبات نسائهم، فلقد يأتي بعض هؤلاء إلى الحاكم يشكو زوجه التي ضربته حتى أدمته لسبب ما ولسوف تبادر الزوج بالرد على القاضي بالدموع لا بالكلام ولسوف يستجيب القاضي والسخرية الضاحكة لن تفارقه لهذه الدموع.. - لأنه سوف يسخر من الزوج الذي لم يحسن التعامل مع زوجه. - لأن المرأة أولى بالتعاطف نظراً لضعفها, مع أن القاضي سيقوم بتعنيف المرأة بالقول وسوف يلزم ولي أمرها بضبطها وتأديبها فعلاً... الخ وبالمناسبة فإن أحداً لن يكون موضوعياً بما فيه الكفاية إلا إذا كان إنساناً قد هذب الإسلام خلقه ورأى وعلم عين اليقين بأن ما من لفظ ينطقه إلا كان عليه رقيب عتيد، والناس لايستوون عند الله وعند الناس ولذلك خلقهم، أما الجدل العقيم و(المكارحة) فهي دأب كثير من عباد الله.