لم يشهد تاريخ الفكر العربي انحطاطاً وخنوعاً واستسلاماً كما يشهد اليوم، لقد كان الفكر العربي خلال المراحل الماضية متوهجاً في عقول وأذهان الأجيال، بشكل حافظ على الهوية القومية للأمة العربية، وحاصر الأفكار الانهزامية وواجه عواصف التحديات، وصمد أمام الاستهداف الذي أراد تمزيق الأمة. ولقد كرم الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بأن أرسل رسوله الخاتم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم منها، وأنزل كتابه المقدس القرآن الكريم بلسانها العربي المبين، فجاء الإسلام الحنيف محافظاً على الهوية العربية الإسلامية، وكان الإسلام بمثابة الروح والعروبة الجسد، وقد صعب على أعداء الإنسانية إبعاد الروح عن الجسد. إن مشهد الواقع العربي عبر ما يعرف بالجامعة العربية يبعث على الأسى والألم، بل وفي كثير من الأحايين الخجل والعار؛ إذ لم يبق للأمة العربية من جامعتها إلا الاسم، أما التوجهات والقرارات فقد أصبحت تخدم قوى أجنبية لا تريد لهذه الأمة التوحد وبناء القوة العربية الموحدة التي تحقق المكانة المأمولة في العلاقات الدولية، رغم امتلاكها كل مقومات التوحد والقوة. إن المواقف الهزلية للجامعة العربية ليست وليدة اليوم على الإطلاق ولكنها منذ لحظة تأسيسها في 1945م وما تلا ذلك من المراحل التي ظهرت فيها الجامعة العربية بالمواقف المخزية التي لا تعبر عن الإرادة الكلية للشعوب العربية بقدر ما تشكل إحباطاً وتحاول إطفاء أمل التوحد وبناء القوة اللائقة بأمة كرمها الله سبحانه وتعالى ومنحها كل مقومات التوحد. إن مواقف الجامعة العربية من التضارب العربي العربي يكاد يغيب تماماً عن العقل العربي، بل إن كل قطر عربي ينشد التوحد والتلاقي وبناء القوة العربية الموحدة نجد هذه الجامعة توجه له الضربة الموجعة التي تجعله يتعثر في خطاه الوحدوية. ولذلك أقول لكل المفكرين العرب أن يعيدوا النظر في التفكير العربي الذي يجعل من الإسلام الحنيف روحاً والعروبة جسداً، وأن يدركوا بأن التخاذل والاستسلام الذي تعاني منه الأمة سببه عنصرة الفكر وبعد الجسد عن الروح وإعطاء الفرصة للمتطرفين في الاتجاهين لتغذية التفرقة، وقد حان الوقت لعودة منابع الفكر الصافي بإذن الله.