معالجة قضايا الوطن والمواطن لا تحتاج إلى العصبية الحزبية أو القومية أو المناطقية أو الفردية مطلقاً، بل المطلوب في ساحة الفعل الوطني المخلص هو التخلص النهائي من الأهواء والنزعات أياً كانت،وأن ينطلق الفعل من الإيمان المطلق بالله سبحانه وتعالى ثم الوطن،والفعل الذي سيخلق أثراً دينياً ووطنياً وإنسانياً يعزز الوحدة ويجسد الشعور بأمانة المسئولية هو الذي ينطلق من النظرة الكلية للوطن التي تجعل المصالح والمنافع العليا للوطن فوق أي اعتبار،ومادون ذلك ضياع وهو شيطاني لايدوم. إن الإصرار والمكابرة على الكيد السياسي والتقليد الأعمى،لايمكن أن يحقق الرضا والقبول للسواد الأعظم من الشعب،وسيظل المكابرون والمكايدون والمقلدون معزولين ومنبوذين عن ذلك السواد الأعظم الذي يمثل الإرادة الكلية للشعب، لأن المكابرين والمساندين سيكونون وسيلة بأيدي تجار الحروب والمنتفعين الذين يعملون على توسيع هوة الخلافات،ويجعلون من المقلدين أدواتهم لتحقيق المنافع الخاصة فقط. إن الأزمة السياسية التي استمرت أكثر من أحد عشر شهراً قد كشفت عن الصورة الحقيقية للقوى المنتفعة من تأزيم الحياة السياسية،وباتت هذه الصورة ماثلة أمام كل مواطن الذي أدرك أن تلك القوى لم يهمها في يوم من الأيام مصالح الناس وآمالهم وتطلعاتهم بقدر ما يهمها أن تجعل المواطن وسيلتها لتحقيق منافعها الخاصة والخاصة فقط. إن العقل المستنير لايحتاج إلى عناء لكي يجد الحقيقة، لأنها جلية وساطعة سطوع الشمس في وضح النهار، ولذلك ينبغي الخروج من نفق المكابرة والمكايدة والتقليد الأعمى من أجل التحرر من سيطرة المنتفعين، والبدء بتفعيل العقل الخاص بكل إنسان بدلاً من العمل بتفكير الآخرين الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصالح العليا للوطن، لأن المرحلة الوطنية الراهنة بحاجة إلى روح التسامح والتصالح من أجل يمن آمن ومستقر وموحد ومزدهر بإذن الله.