ليست المرة الأولى التي يتعمّدُ فيها بعضُ الزملاء نشرَ أخبار مثيرة ومفبركة عن حدوث خلاف بين الرئيس ونائبه حتى نقول إنهم قد وقعوا ضحية لتضليل المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته كما يرددون، فالخبرُ بالصيغة نفسها قد نُشر أكثر من مرة خلال الأزمة الحالية. كذلك لم أجد مُبرراً لمن يُفبركون مثل هذه الأخبار التي سرعان ما ينكشف زيفُها وإن كانت قد تركت أثراً سلبياً، خاصة عند المحللين والكتّاب الذين ينتظرون مثل هذه الأقاويل بفارغ الصبر كي يُسوّقوا لتجارتهم البائرة في أسواق الدجل السياسي الرخيص. ندرك جيداً أن من حق هؤلاء الانضواء تحت عباءة أي حزب سياسي، والدفاع عن توجهات أحزابهم من خلال إبداء آرائهم بالصورة التي تناسبهم وتحترم الآخرين، إنما أن يلجأوا إلى مثل هذه الأساليب؛ فأعتقد أنهم قد وضعوا أنفسهم في المكان الخطأ لأنهم قد فقدوا أهمَّ عنصر من عناصر العلاقة بينهم وبين المتلقي وهو المصداقية. وإذا كانوا يعتقدون أو يريدون أن تكون هذه خاتمتهم مع الرئيس علي عبدالله صالح باعتباره سيُسلِّمُ الرئاسة قريباً إلى نائبه، فماذا عن علاقتهم مع الأخ عبدربه منصور هادي، وهل بنشر مثل هذه الأخبار سيعززون الثقة معه وقد عمدوا لمرات عديدة إلى تضليل الرأي العام المحلي والخارجي وصنعوا قصصاً وحكايات من نسج خيالهم وتكهناتهم؟!. وبصراحة أكثر، لقد كشفت لنا هذه الأزمة المريرة حقائق أمرَّ لم نكن نتوقعها ولا نريد أن نصل إليها بهذه الصورة القاتمة، بالذات فيما يتعلق بنشر الأخبار الكاذبة والمختلقة تماماً، بعد أن كُنّا نرى في هؤلاء مثلاً أعلى في المهنية التي كانوا يستميتون في الدفاع عنها، وجعلونا نصدق تلك الخطب الرنانة التي ما لبثت أن تكشفت بهذا الشكل المريع. ليس هذا الخبر المُختلق حول خلاف الرئيس ونائبه هو ما أثارَ شجوني؛ فهناك عشراتُ الأخبار والقصص التي ثبتَ عدمُ صحتها بالمطلق، وأعتقد أنه لا داعي للإشارة إليها هنا، لكنني ولكثرة ما تلقيت من اتصالات ورسائل من زملاء وأصدقاء في الخارج حول العديد من هذه القضايا بُتُّ أكره المهنة التي أنتمي إليها وقد تشوّهت صورتُها إلى هذه الدرجة. أعرفُ أن الكمال لله سبحانه وتعالى وحده، وأن جميعنا خطّاءون، ولسنا معصومين من الوقوع في أخطاء كهذه لا قدّر الله؛ لكن أن نتعمّدَ الخطأ ونُصرَّ على الوقوع فيه مرات عديدة إرضاءً لنزوات معينة أو انتقاماً من جهة أو حزب أو شخص، فهذا مالا يرضاه عاقل ولا يقبل به إنسان يمتلك ذرة من إيمان بسمو صاحبة الجلالة، لما سيترتب على ذلك من تداعيات وما ستتركه من آثار سلبية في جميع الاتجاهات والمجالات. وهنا نتساءل: لماذا تكرار نشر مثل هذه الأخبار في هذا الوقت الحساس بالذات، وأين الحرص على سلامة البلد التي لم تسلم من أبنائها قبل أعدائها؟!. وهل جمال بن عمر أحرصُ منّا على هذا الوطن وهل يحبه أكثر من حبنا له، لاسيما وقد ظل يردد منذ إيفاده إلى صنعاء أن الحل بأيدي اليمنيين أنفسهم؛ بينما يراهنُ البعضُ منّا على حلول تدميرية بنزعات مناطقية وطائفية وحزبية؟. لماذا يبذل الرجل كلِّ ما في وسعه من أجل التهدئة وإخراج اليمن من عنق الزجاجة بينما هؤلاء البعض يفتعل أحداثاً لا وجود لها على أرض الواقع بغية إشعال الحرائق وإذكاء الصراعات وخلط الأوراق على الجميع، متى سنعيدُ إلى المهنية اعتبارها والكلمة رونقها ونكونُ عاملَ خير لبناء هذا الوطن لا عناصر تخريب ودمار؟!. ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه. [email protected]