الحرية فطرة الله التي فطر الناس عليها.وليست هبة من أحد ولذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخاطباً عمرو بن العاص أمير مصر “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً” وكان ابن الأمير قد اعتدى على حرية أحد المواطنين.. إنه مبدأ عظيم يقرره الإسلام يقرر فيه أن الحرية هدفها ومقصدها حياة الإنسان لا هلاكه، كرامة الإنسان لا إذلاله، عقل الإنسان لا جنونه ، صلاح الإنسان لا إفساده.. فهل تسمح الحرية للإنسان أن يلقي بنفسه إلى البئر أو أن ينتحر أو يعتدي على حقوق الآخرين باسم الحرية؟ أبداً لا يمكن ذلك، الحرية لها وجهان وجه إيجابي ووجه سلبي وجه فيه الحياة ووجه فيه الهلاك، ووجه فيه السمو والرفعة، ووجه فيه الهبوط، فالعاقل والحر يستعمل الحرية بجانبها ووجهها الإيجابي.. فهذا نبي الله آدم وحواء عليهما السلام عندما نهاهما الله عن الأكل من الشجرة{ولا تقربا هذه الشجرة}وعندما استعملا حريتهما بخلاف التحذير الذي أصدره الله تعالى لهما كانت الحرية هنا سبباً في خروجهما من الجنة وهبوطهما إلى الأرض {قلنا اهبطوا منها جميعاً...} وهنا أدرك آدم وحواء عليهما السلام أنهما استعملا حريتهما في الاتجاه والوجه غير الصحيح فاعترفا واعتذرا وتابا إلى الله {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.. وهذا الصقر اختار من الحرية وجهها السامي..فقال الشاعر: قلت للصقر وهو في الجوّ عالٍ اهبط الأرض فالهواء جديب قال لي الصقر بجناحي وعزمي وعنان السماء مرعى خصيب فكن صقراً ولا تكن نعامة...فالحرية رفعت الصقر إلى الأعالي وعنان السماء، كما هي الحرية التي دفنت رأس النعامة في التراب نعم فكل الناس أحرار ولكنهم ليسوا أحراراً في التعدي على حرية الآخرين، ليسوا أحراراً في التعدي على مصدر الحرية وواهبها ليسوا أحراراً في التعدي على الحرية نفسها..فاعرف كيف تستعمل حريتك... فالحرية كالملح للطعام لابد أن يكون بمقياس محدد فإذا نقص أمكن أن تستدرك الأمر...أما إذا زاد فهنا قد يفسد الطعام وتحرم من الطعام نفسه مهما كان قيمة وثمن هذا الطعام...ويؤدي إلى حرمان الآخرين وهكذا هي الحرية للإنسان لابد أن تستعمل بوجه إيجابي وبمقدار لأنها قد تفسد الفرد، فتفسد المجتمع ، فتفسد الحياة.. فالحرية...والكرامة، والعدل والإحسان،..مبادئ عظيمة أقرها الله تعالى للإنسان وأي اعتداء عليها اعتداء على الله تعالى جل شأنه ويجب أن نرفع أصواتنا (كما يقول الأخ فهد سلطان في مقاله في الجمهورية 15/1/2006م) عالياً ضد من يقهر الناس أو يظلم أحداً منهم أو اعتدى على أحد من عباد الله. وفي نفس الوقت يقول الأخ فهد (في أمر الله فالله يدافع عن نفسه). مع أنني أرى أن الله هو مصدر ومقرر مبادئ الحق والعدل والحرية للناس وهو مصدرها فمن باب أولى أن نرفع أصواتنا عالياً في كل من يسئ إلى مصدر حقوقنا وقوتنا وهو”الله تعالى”من منطلق “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة...” وهذه المبادئ هي المبادئ التي تناضل من أجلها الأخت بشرى المقطري...فهل يعقل أن تعتدي على مصدر حقوقها وقوتها وهو من قرر هذه المبادئ التي تناضل من أجلها لأنها تعلم أنها بهذا تعتدي على الحرية والكرامة والعدل وغيرها من المبادئ التي تناضل من أجلها. إن ما حدث في مقال الأخت بشرى المقطري ما هو إلا تعابير خاطئة لا تحمل في مضمونها وقصد قائلها معنى الإساءة إلى الله جل قدره وإن كان في ظاهرها ذلك..وهو ما يستدعي الأخت الثائرة والكاتبة بشرى أن تكون شجاعة وتستعمل حريتها في الرفع من مكانتها ونبل مقصدها اعتذارها عن ورود بعض الألفاظ التي يفهمها القارئ أنها إساءة إلى الذات الإلهية جل شأنه...واستفزازاً للمشاعر وتعلن بذلك ثورة ضد ظلم الإنسان لنفسه وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.. فقد فعل ذلك من قبل نبي الله آدم عليه السلام وحواء.عندما اعتذرا وقال{ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكن من الخاسرين}وعتبي على كل الأقلام التي نالت من الأخت بشرى المقطري سواء بالتكفير أو التشهير أو الاحتقار..وغيرها...فهو كذلك استعمال للحرية بوجهها السلبي بدلاً من النقد الموضوعي كما فعل البعض الآخر. وختاماً أقول للأخت بشرى الثائرة الحرة...رُب مصيبة كانت طريقاً للإصابة....فلا تهتمي بالفتاوى والدعاوى والتضليل وكوني كرابعة العدوية عندما قالت مخاطبة الله تعالى: إذا صح منك الودّ فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب