أعود إلى الذاكرة.. العلاقات والأصدقاء والأسماء فأجد أجملها أثراً وأطيبها ذكراً.. في “سهيل”. وكلما هزتني الذكرى إلى رائع افتقدته منذ وقت دلتني عليه “سهيل”.. “وبالنجم هم يهتدون”. وما هذا المقال لتعداد المناقب أو دفاع عن قناة قيل فيها ما قيل.. وما لانت لها قناة وما خبا منها وهج في معترك المدلهمات. ولك أن تتخيل كيف لو قامت ثورة فبراير 2011 دون “سهيل”.. وهل كانت – أصلاً – ستقوم؟. رغم حداثة التجربة وباكورة الخطوة نجحت “سهيل” في رسالتها الإعلامية، بعرق فتية صدقوا.. وفاجأتهم ضرورات ثورة ومتطلبات مرحلة حسماء، وجدوا أنفسهم في قلب أتونها ومركز دائرتها، فما ارتعشت لهم قدم ومازلت بهم أخرى. اصحُ يا صاح! من قال لك: إن “سهيل” تتاجر بدم الشهداء فقد كذب.. كل قطرة عرق ذرفتها جباه الأبطال في “سهيل” وفرت علينا نهر دم في ميدان الثورة السلمية.. خنقت في المقابل مائة رصاصة في خزنة البندقية.. لا بل في فوهتها تماماً.. فما أقصر المسافة! كانت بين الفوهة والصدر الذي لا شيء يكسوه سوى جلده والجَلَد. وأيم والله، إنها لقناة سخرها الله حين كانت 555 ألف كلم على كف عفريت أو في علبة كبريت.. أكره السجع يا صاح! غير أنها الأمانة الأدبية وشجاعتها أن يقول قائل: ذادت “سهيل” عن الحياض.. وكانت هي السيف والرمح والقرطاس والقلم حين كنا – وأنت ابن جلدتنا – على شفا مقبرة جماعية.. لهم الخيل والليل.. ولنا “سهيل”. ورغم قلة الزاد ورغم أن الموت أتاها من كل مكان.. لم تتوقف بل حملت روحها على سبابة الشهادة، واتخذت لها في ساحة التغيير مقراً.. هنالك لم يقر لها قرار إلا كما تشاء الثورة أو يشتهي الثوار. أما أن يتبرم الشيخ حميد الأحمر - راعي القناة ومؤسسها - من كونها قناة غير ربحية تستهلك محفظة جيبه، فلا أظن. وأظن أن حميد دون “سهيل” مجرد اسم بلا تاريخ.. لا لشيء إلا لأن التاريخ يتولد من مجد كلمة وليس من صراف آلي على باب بنك سبأ.. هل قلت كلاماً يستحق النشر..؟ ربما..