إن التضحيات التي قُدمت والدماء التي سالت والشهداء الذين بذلوا أرواحهم مهراً لليمن الجديد وثمناً لحرية وحقوق كاملة غير منقوصة, لايمكن أن تتحول إلى أوراق للمساومات ورهانات خاسرة بيد هذا الطرف أو ذاك, يفرغها من أهدافها ومشروعها التغييري السلمي الآمن بحجة الانتقام لأرواح الشهداء، وهي في الحقيقة حسابات شخصية مؤجلة بين تلك الأطراف المتصارعة عسكرياً وسياسياً وقبلياً. المؤسف أننا معشر اليمنيين مازلنا نتعاطى مع الأطراف المتصارعة بخطاب عاطفي لايمت إلى روح الثورة ومشروعها التغييري بصلة, بدليل استجابتنا لداعي الفوضى والتخريب, فميزان العدالة الوطنية يجب أن يضع الفاسدين والقتلة والمخربين وناهبي المال العام وكبراء الإفساد والثعابين والراقص على رؤوسهم في سلة واحدة لانستثني أحداً منهم لتقول العدالة فيهم كلمتها لله ثم للتاريخ. قانون الحصانة تحول إلى أزمة جديدة بالرغم من أنه سيظلل على كل السيئين حتى أولئك الذين تسللوا إلى إبط الثورة إنهم صنيعة تلك المرحلة وكبرائها, وإن تدثروا بالثورة ليل نهار.. شهداء اليوم يضافون إلى شهداء 1969م و1978م و1994م, قوافل من الشهداء لاحصر لها ولاعدد، طحنتهم صراعات تلك الثعابين وسمومها خلال ثلث قرن أو يزيد، فهل يمكن لهذا الثمن الباهظ أن يكفي لبناء اليمن الديمقراطي الموحد الجديد, نغفر لكل القتلة بشرط أن يتركوا اليمن ويرحلوا جميعاً من حياتنا ومؤسساتنا وأجهزتنا ومرافقنا وساحتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقبلية, مالم فالقضاء العادل بيننا وبينهم, ومن استعصى فالعدالة الإلهية للظالمين بالمرصاد. إثقال كاهل المبادرة الخليجية بدواعي الاستكبار والغطرسة والإعاقات المتكررة أمر يدعو للشك في مصداقية تلك الأطراف واحترامها لما التزمت به, خطابات تترسب في باطنها التناقضات والكذب والحقد الدفين, تتلذذ بمعاناة ودماء اليمنيين بهمجية غير مسبوقة. المرحلة الراهنة لاتحتمل تعدد جبهات الصراع واستعراض العضلات, فمشروع الثورة التغييري السلمي يجب أن يأخذ حقه في العمل والتنفيذ، متجاوزاً كل تلك الإعاقات التي تتعمد أطراف الصراع القيام بها. على حكومة الوفاق أن تُشرك المجتمع في كل خطوة تقدم عليها باتجاه إصلاح الأوضاع وحل المشاكل المترسبة والعالقة في عنق المرحلة، خاصة تلك التي ترتبط مباشرة بحياة وأوضاع المواطنين المعيشية والأمنية والخدمية, مالم يتم إشراك المواطنين إعلامياً وتوجيه أنظار المجتمع ليواكب النجاحات والإخفاقات الخاصة بحكومة الوفاق واللجنة العسكرية فإن مشروع الثورة التغييري قد لايؤتي ثماره بالشكل المطلوب. لعبة شد الحبل سياسياً وعسكرياً التي طغت في الساحة من خلال خطابات مأزومة ونشاطات معيبة إلى حد السفه, تجعلنا نوقن أن البعد الوطني في قاموس أطراف الصراع ليس أكثر من ورقة للمساومة واللعب بالنار والعبث بمقدرات اليمنيين, ورقة تنظيم القاعدة التي أصبحت موضة الصراع في اليمن توحي بأنها متعددة القيادات والتمويل بدليل تعدد ولاءات تلك المجاميع المسلحة وتوزعها بين أطراف الصراع, لذلك جريمة القاعدة يتحملها فرقاء السلاح في الساحة وقادة الأجنحة المسلحة في تياراتنا الحزبية. إن مشروع الثورة التغييري لايمكن أن يعمل بشكل طبيعي وآمن إلا في ظل دولة مؤسسية قوية ومهابة, في الوقت نفسه علينا أن نحافظ على حيوية الثورة وتألقها حتى لاتُسرق كما سُرقت بالأمس, حتى ننجح في ذلك لابد من تخليص المؤسسة العسكرية والأمنية من حالة الانقسام والتبعية لهذا الطرف أو ذاك حتى لانجدها تُقسم في المستقبل وفق الإمارات والمشيخات الجديدة التي تفاجئنا بين الحين والآخر. إلى الأخ/محافظ محافظة تعز بعد التحية: مشروع مياه منطقة أحد الشعوبة بمديرية المعافر يعد من المشاريع الريفية الناجحة وفق الإمكانيات المتاحة وبمساندة رجل الخير المغترب عبده سعيد قاسم، تحاول بعض الأطراف الحزبية أن تجر هذا المشروع إلى حلبة الصراع بقصد إفشاله رغم نجاحه المتميز من 2005م وحتى الآن. فهل إلى إيقاف ذلك العبث وتلك الفوضى من سبيل رحمة بالبسطاء والمطحونين باعتبارهم أصحاب المصلحة الأولى في المشروع؟ [email protected]