اليمن الجديد جعله الله أمناً ومستقراً ومتجدداً على الدوام، يمن سبتمبر وأكتوبر والثاني والعشرين من مايو، هذه التواريخ صنعها اليمنيون وحفرت في الذاكرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فبها اليمنيون تحرروا واستقروا وعادت وحدتهم، وبرغم ذلك لن تعيش اليمن الجديد دون منغصات، فقد مرت بأحداث وأزمات عدة ولفترات متفرقة. ومن أشد وأصعب ما مرت بها أو عاشتها هو ما نعيشه اليوم، فالحمد لله تتدخل العناية الإلهية ويصدق فينا حديث سيد البشرية وخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم: (الإيمان يمان والحكمة يمانية) فيدخل اليمانيون بالتصالح على قاعدة اليمن هي الوجدان والضمير وأمنها واستقرارها، ورفعتها هو المقصد والهدف، وجعلوا الطريق إلى ذلك المبادرة الخليجية. ومما لا شك فيه بأن لكل أزمة وأحداث إنتاجاً من الإشكالات والإفرازات، وغير ذلك من الآثار التي تتركها على الواقع الاجتماعي، وعند الشروع في الحل تعمل الحلول لإزالة تلك الإشكالات التي طفت على السطح ويسعى الجميع لتجاوزها وإزالة آثارها وتناسيها، وهذا ما اعتدنا عليه طيلة عمر اليمن الجديد، ومن وسائل المعالجة المستخدمة ما يعرف باللجان والإمكانات، ونحن هنا ننظر من منظور مهني، مؤكدين مراراً وتكراراً على انعدام الثقافة المجتمعية المرورية وغياب المرور في كل المكونات. وإن أمعنا النظر في الحقبة التاريخية المشار إليها في الجانب الذي نحن بصدده (الجانب المروري) سنجد جماً من الإفرازات السلبية، والتي تجسد سلوكيات مجتمعية تراكمت وصارت إشكالات مرورية وممارسات في الطريق والشارع العام معيبة خارجة عن الأعراف ومخالفة لآداب وقواعد السير، فوق ذلك فهي تحصد الأرواح وتهلك الممتلكات، وآثارها كبيرة على المجتمع وعلى الاقتصاد الوطني، وبرغم كل ذلك لن ينظر إليها ولم تؤخذ في الاعتبار، وهذا ما يؤكد ما قلناه عن غياب المرور في كل المكونات. ولكونها أيضاً صارت عادة يمارسها أو يقوم بها أي من الناس في أي مكان وفي أي شارع وفي أي طريق دونما أية ردة فعل أو احتجاج من أي أحد من العامة أو الجهات الخاصة، وها هي خير شاهد على انعدام الوعي المجتمعي المروري. ولكي لا يكون ما نطرحه عليكم غير بين فسنبين واحداً من الإشكالات وليس إشكالاً بل عقبة إن لم يكن سيفاً قاصماً لمستخدمي الطريق والشارع العام، وهذا الشبح المرعب هو ذلك المطب المعمول بكل وسائل القطع والكسر والتبغ والشل والطرح والقلب والكعدلة والردع والزجر وطعفرة الدم وسلب الأرواح بوحشية لا تعرفها البشرية والمخلوقات دونما وازع أو ضمير وقساوة دونما رحمة أو شفقة لا تميز أو تقدر ولا تختار أو تنتقي ولا تعي أو تدرك، ولكونها كذلك تجاهلنا ولم نعمل حسابها رافقت المترس ووجدت في الحارة؛ لأن نساء الجيران متخاصمات وجاورت المدرسة لمشاغبة الطلاب وزينة الشوارع لتجبر المار عليها للتغزل بجمال العمارة المجاورة، ووجدت في المدن الثانوية على الخطوط الطويلة لتخبر وتعلن عن اسم المدينة واسم المحافظة وتربعت على إسفلت الخطوط الطويلة لتقول للسائق والزائر عن الوادي وجماله، وانتصبت في كل مكان لترشدنا إلى المطاعم وأسواق القات والدكاكين والبوفيهات والمستشفيات والعيادات والمشعوذين والمشعوذات والرايحات والجايات والسارحات والمروحات، مصائبها كبار على الكل السارح والمروح وفوائدها ثقال لأصحاب المستشفيات والصيدليات والورش وقطع الغيار وما يهم إذا المعزية في كل دار. ومن المؤسف والمعيب أن تحل المطبات محل البنية التحتية المرورية والوعي المروري، وصار يشرعن لوجودها من بعض الدوائر ذات العلاقة، فما من شركة ما تنفذ أي عمل على الشارع العام أو الخطوط الطويلة إلا وإذا بها تنصب مطبات إسفلتية دونما مراعاة لأية قاعدة من قواعد السلامة المرورية. فمن المعيب على تلك الدوائر أن يرافق تنفيذ المشروع إنشاء مطبات بدلاً من أن تتمسك هذه الجهات بأن يواكب تنفيذ المشروع تنفيذ البنية التحتية المرورية المتمثلة بالشواخص والعلامات والخطوط الأرضية وعيون القط ولوحات التعريف كل من سعى إلى وجودها أو قام بعملها أو من يحافظ على ديمومتها ويعتبر وجوباً عليه الحفاظ عليها فنقول لهم تأتي الوجوبية بإزالتها والحفاظ على الشواخص المرورية. فوجود المطبات جرم في حق المجتمع والسلامة المرورية فهي إذاً مفرط في حق الآخرين يجب إماطته وإزالته،؛ لأنها تعرض حياة الآخرين إلى الخطر وممتلكاتهم للتبديل وعكسها الإشارات والشواخص المرورية التي تعد لغة الطريق وتحقق السلامة، والاعتداء عليها يعد جريمة. فنناشد الكل بإدراك أهمية المرور وأخذه مأخذاً حقيقياً في كل المكونات، مطالبين بتشكيل لجان لإزالة المطبات وتحديد وتنفيذ احتياجات خطوطنا الطويلة والفرعية من البنية التحتية المرورية وعقد مؤتمر وطني لتبيين الشواخص المرورية وأهمية وجودها. * مدير مرور محافظة تعز