يثور القلم ومن حقه أن يثور إذ ليس لأحد أن يمنعه من أن يسيل مداده مدراراً متى شاء ، وحيثما شاء، لاسيما ونحن نخوض غمار ثورة لعل حملة الأقلام هم من مهدوا لها ورافقوا مسيرتها خطوة خطوة.. سجلوا تفاصيلها ودونوا أحداثها ونقلوا أخبارها ، وبالقلم وحده صمدوا بل وانتصروا على الآلة العسكرية بمختلف أشكالها وأحجامها. وإذا كان ثوار اليمن عامة قد قرروا سلمية ثورتهم فإن أصحاب الأقلام على وجه الخصوص ملزمون أيضاً بسلمية ثورة أقلامهم . إذ أن القلم الثائر بالسلمية ملزم بالترفع عن قذائف الحوار ورصاصات الاختلاف في الرأي ، وغازات الدس والمكر والوقيعة بين الثوار. لقد طفا على السطح كثير من الكتابات اليومية والتعليقات (الفيسبكية) و(التويترية) التي يتنافى بعضها وشعار السلمية التي منحناها من رفع في وجوهنا السلاح ومنعنا بردها وسلامها من قاسمونا الهم وشاركونا الهدف. إن بعضاً من كتابنا النجوم وحملة الأقلام الذين وهبهم الله قدرة في النظم ، وجودة في السبك ، ورصانة في الموضوع يقعون دون ان يشعروا أثناء كتاباتهم في مطبات ملغومة ، وكمائن تجعلهم أكثر بعداً عن جمهورهم وقرائهم الذين هم رصيدهم الحقيقي. يا الله كم يعتصرني الألم وأنا أتصفح بعضاً من مقالات كتابنا المرموقين واللامعين الذين تتلمذناعلى أياديهم,حينما أجدهم يجافون الحقيقة ، ويبالغون في اللوم, ويفرطون في الفتك بفريستهم ، يرفعون أقواماً إلى درجة العلى, ويضعون أقرانهم في الدرك الأسفل ، يوزعون المجد والبطولة بسخاء لمن يروق لهم ويشربون غيرهم كدراً وطيناً. وإحقاقاً للحق فإن في المقابل صنفاً آخر من كتابنا يدركون أن لهم قراء يعون ما يكتبون ، فنجد في كتاباتهم الاتزان والمنطق والعدل في القول والتماس العذر وتقديم الفكرة والرأي بأسلوب يجذب الألباب .دون الحاجة إلى الاستعراض والتجريح ولفت الأنظار إرضاءً لأهواء أو تلبية لرغبات, تاركين لقرائهم امتحان صحة ماقالوا وما كتبوا. إن على كتابنا أن يدركوا أنهم لا يكتبون لأنفسهم وإن مشاريعهم الكبيرة ، وهممهم السامية ، ونظراتهم البعيدة تحتم عليهم تحري الصدق والمصداقية والمجادلة بالحسنى والابتعاد عن كل ما يعكر صفو ثورتنا ، لأن مهمة صاحب القلم الثائر بالسلمية هي التوفيق لا التفريق ، والتعديل لا التطبيل ، والتصالح لا التناطح ، والتقارب لا التضارب ، والحديث بصدق والنقد بسلم . لقد آن الأوان كما يقول زميلنا فتحي أبو النصر: لأن نؤسس قيمة تفكيرية متجاوزة من أجل المستقبل .علينا أن نفكر بعمق لا انفعالات .لقد فكرنا بانفعالات وضغائن طيلة نصف قرن وضعنا مراراً ولم تقم لنا قائمة.. “. فهيا رفقة القلم لنغادر معاً مربع الحقول الملغومة بالألفاظ المنافية لسلمية ثورة أقلامنا وقد أزحنا من قاموسنا ومن ساحاتنا ومنابرنا الثورية ألفاظاً باتت مستفزة ألا وفي مقدمتها ( مندس ).