عشرات الآف الدولارات واليوروهات تذهب لما يسمى منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان عبر مشاريع بتصورات وهمية أو بلا أثر حقيقي، إضافة إلى برامج تغري المانحين فقط ولا تنعكس على الناس كما ينبغي، حتى أن غالبية أصحاب تلك المنظمات في اليمن صاروا أثرياء ومراكز قوى داخلية سياسياً وثقافياً، بل ونافذين تجاه كل المهتمين الدوليين بتنمية بلدانهم الفقيرة أو دمقرطتها، فيما بصفاقة يزايدون علينا ونحن نعرف أن معظم أموال تلك المنح والدعومات التي يلاقونها تذهب إلى جيوبهم. إنها منظمات شللية وبلا شفافية في الغالب، يستغل أصحابها إيماننا بأن لانهضة لأي مجتمع دون هذه المنظمات، معتقدين ببلاهة أن إدراكنا بأهميتها لتحولات المجتمع ناحية التمدن والحداثة سيجعلهم يتكرسون كعصابات لصوصية أنيقة محصنة من أي نقد ومقدسة في كثير أحيان، خصوصاً وأن من سينتقدها سيكون من جانب السلطة كما هي أعذارهم وذرائعهم الدعائية المكشوفة التي يداومون على بثها بصفتهم مناضلين مستهدفين ودعاة مدنية وحريات وحقوق داخل مجتمعاتهم المتخلفة والمستبدة ..إلخ. لذلك نحتاج إلى تفعيل مراقبة أداءات مثل هذه المنظمات ومساءلتها عبر تكوينات وشبكات متخصصة وناشطة في هذا السياق الذي صار مهماً للغاية مع تفاقم “فساد المنظمات” كظاهرة لاتنمي حلم المجتمع المدني كما نريد، بقدر ما تجعله مجرد فقاسة لتنمية أرصدة وحسابات أفراد من الدجالين الحاذقين في التشبيك والفهلوة والذكاء الاجتماعي والسياسي. ثم إن الدور الفاعل الذي كان منتظراً من المانحين تحول إلى دور سلبي لتكريس الوهم فقط استغله هؤلاء جيداً حتى أن كثيراً من قادة هذه المنظمات تحولوا إلى سلطة ظل للسلطة الفاسدة التي تحكم المجتمع إذا جاز التشبيه . وبالمقابل يتوجب حث مؤسسات وحكومات التمويل الدولية بتبديل سياساتها وإعادة صياغة تعاملها مع تلك المنظمات على نحو حقيقي مسئوول، مع العلم أن هناك ممثلين لمؤسسات دولية مانحة وتمويلية اعتادوا استلام الكوميشن من هذه المنظمات والتغاضي الرقابي عما يدور. كما يفترض من كل المناوئين لمثل تلك الأداءات المشينة إدانة وتحذير كل المؤسسات الدولية المانحة التي ساهمت بتواطئها ببروز هذا النوع من الفساد الذي يعد أشد دناءة في جوهره ومسعاه مقارنةً بخطر فساد المؤسسات الحكومية مثلاً حيث إن منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان منظمات غير حكومية في الأصل، في حين يمارس الكثير من رؤسائها ماهو أسوأ للأسف بعد أن تحولوا إلى شبكة واسعة مترابطة للفساد، بينما يدعون المثالية في النضال والفضيلة وبالتالي فإنهم الحاملون الجديرون وربما الأوحد لهموم التقدم وتطوير المجتمع.. إلخ. [email protected]