الأيام القليلة القادمة تُمثل لحظة فارقة في الزمنين السياسي والمجتمعي اليمني، وفي تقديري أن هذه الأيام الحاسمة لا تُقاس بالزمن الفيزيائي المُتعارف عليه، بل بالزمن التاريخي الأشبه باندفاع شلالات المياه بعد أن تكون المسارات قد تشبّعت بالمياه الغزيرة، بما تحمله أيضاً من شوائب تطفو على السطح. ما يجري هذه الأيام شبيه بتلك الشوائب المؤذية عديمة القيمة والتي تطفو على السطح، غير أن المجرى الرئيسي لحركة التاريخ يُبقي على ما ينفع الناس ويمكث في الأرض. ذلك هو قانون الطبيعة الذي يسري في التاريخ والجغرافيا أيضاً، والشاهد أن الأيام القادمة تمثل ذروة القمة التي وصلنا إليها بعد مخاضات عسيرة وتضحيات جسيمة دامت عقوداً، وتكابرت صعوداً خلال العام المُنصرم، وازدادت عنفواناً بعد جُمعة الكرامة التي أذنت بأُفول مؤكد لنظام استنفد أسباب بقائه، وبداية عهد يتبلور تدريجياً وهو يصحب معه كامل الماضي القريب والبعيد. الأيام القادمة شديدة الحساسية والأهمية لأنها العتبة الأخيرة نحو الانتخابات الرئاسية، وما يليها من متواليات باتجاه شرعية مُتجددة تتطلب من كل الأطراف قدراً كبيراً من الحكمة والرويّة، وأتصور أننا جميعاً نواجه جماعات صغيرة قادرة على إقلاق مضجع المجتمع السياسي الرشيد، ناهيك عن الإضرار الفادح بالوطن من خلال السلوكيات الرعناء ذات الأوجه المتعددة. الخطأ الذي تقترفه الجماعات الصغيرة الجاهلة لا يُقاس بالخطأ الذي قد تقع فيه النخب السياسية القابعة في ذات المربع، ولهذا السببب أرى أن على فرقاء التشارك والتوافق في السلطة والمعارضة اللجوء إلى لجنتي حكماء من الطرفين، تتشكّل منهما لجنة واحدة لحكماء التوافق السياسي، وتكون بمثابة إطار مرجعي استشاري دائم، خلال الفترة القصيرة القادمة، وأعتقد جازماً أن استشارة مثل هذه اللجنة من طرف المُتلبسين بالأداء القيادي الوظيفي سيوفّر علينا الأخطاء المجانية، وسيفتح الطريق سالكاً نحو لحظة الاستحقاق التاريخي الذي لا مفر منه. [email protected]