التدابير الإجرائية الخاصة بفرق العمل في مؤتمر الحوار الوطني جاءت بناء على توصيف وتصنيف لجملة الأسئلة والتحديات المطروحة على المؤتمر. ومن المؤكد أن بعض اللجان تتَّسم بأهمية استثنائية، كما هو الحال بالنسبة للجنة بناء الدولة وصياغة مشروع الدستور. وهنالك لجان أُخرى لاتقل أهمية، كما هو الحال بالنسبة للجنتي القضية الجنوبية وصعدة، لكن ذلك لا يقلل من تكاملية وتوازي أعمال اللجان التسع، والحقيقة أن تداولات اللجان لا تعني بحال من الأحوال وجود موديلات ونماذج جاهزة للنظر والحل، بل تعني قدراً كبيراً من التفاعلية العاقلة. بين اللجان وأفرادها من جهة، والمعطى الوطني العام من جهة أُخرى. وبهذا المعنى أفترض أن أعضاء اللجان معنيون بدرجة كبيرة، بمتابعة والتقاط كامل الرؤى والخيارات العاقلة النابعة من العقل الجمعي للأمة. وهنا أشير بصورة أخص إلى ضرورة ابتكار أنماط يمنية خاصة في معالجة قضايانا الخاصة جداً، حد الخصوصية الناتئة!، وأتمنى أن تتَّسع الصدور والعقول لمائة زهرة تتفتَّح ومائة مدرسة فكرية تتبارى، كما قال ذات يوم بعيد حكيم الصين ماوتسي تونغ. المشاكل والمعضلات التي تواجه اليمن ليست غريبة على التاريخ الإنساني، وهي بهذا المعنى معضلات قابلة للزحزحة والإزاحة. وأنا أتصور أننا الآن بصدد وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالتشخيص. وتلك عتبة هامة في معادلة التغيير، وسيلمس الناس ثمار التغيير بمجرد الشروع في تطبيق هذه المرئيات. إنني أرى بعين اليقين أن تشخيص المشكلات وتقديم الحلول لها أمر وارد، غير أن المُشككين المُقيمين في مرابع طمأنينتهم الواهية يعتبرون التطبيق الفعلي لهذه الحلول أمراً بعيد المنال، وأنهم بهذا يحكمون علينا بالبقاء الأزلي في مربع الخيبات والتنافي والموت. نجاح الحوار الوطني سيمثل منصة انطلاق نحو آليات جديدة لدولة متجددة، وحينها سنلمس ثمار النجاح، خطوة إثر خطوة، فالتاريخ الإنساني يستقيم على قاعدة “نفي النفي” الفلسفية، وإعادة إنتاج الماضي بطريقة مغايرة لنواميس الماضي بالذات، فيبدو المشهد مُخاتلاً، فيما هو غير ذلك تماماً. ولهذا كان من أوجب واجبات العقل الرشيد استيعاب الحلول بوصفها مخاضاً عسيراً يُؤذن بفجر جديد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك