كيف تمخضت ثورة اليمن عن انتخابات بمرشح واحد؟ - ففي اليمن وحدها يلد الجمل فأراً - , أحاول البحث عن تسمية لهذه الحالة النادرة ولا أجد, أحاول وصفها بالاستفتاء ولكن مفهوم الاستفتاء يخذلني, فالاستفتاء يعني أن تقول نعم أو لا لأي مادة مطروحة للاستفتاء, وليس أن تذهب إلى صندوق الاقتراع لاختيار مرشح لا ينافسه أحد, ففي تاريخ تطور الديمقراطية لم يحدث أن قامت انتخابات بدون تنافس شكلي على الأقل. كيف نبدأ عهدنا الجديد بخرق دستورنا الذي يحظر إجراء انتخابات رئاسية بأقل من ثلاثة مرشحين, قانون الحصانة كان خرقاً وجد مبررات الضرورة وبأنه مفسدة صغرى تدرأ مفسدة كبرى وبأنه خرق وحيد لن يتكرر, واليوم نقف أمام انتخابات تخالف الدستور المثخن بخروقات ربما لن تكون الانتخابات آخرها , والغاية مهما كانت نبيلة وهامة فإنها لاتبرر الوسيلة الخاطئة , فلا يوجد أي سبب يمنع إقامة انتخابات تنافسية في ظل دعم الأحزاب جميعها على دعم هادي وفي ظل رغبة مرشحين في المنافسة, ومن يهمه نجاح الانتخابات عليه أن يعمل على جعلها تنافسية وفقاً للدستور ولو شكلاً, بدلاً من القدح في وطنية من ينادي باحترام الدستور وتطبيقه, وبإمكان متعهدي الانتخابات التنسيق لتوفير مرشحين مع ضمانة عدم فوزهم, وعلى المرشح الوحيد أن لايقبل إجراء انتخابات غريبة بهذا الشكل حتى لو اضطر هادي لانتقاء اثنين لجعلهم مرشحين منافسين له من باب سد الذرائع , وحتى يطمئن قلب المرشح التوافقي من فشل منافسيه اللذين لن يدعما حتى نفسيهما, عليه إيقاف رواتبهم حتى انتهاء الانتخابات وتبصيم كل منافس على وثيقة تنازل عن منصب الرئاسة لابن هادي إن هو فاز, وزيادة في الحرص يكون أطراف المبادرة شهوداً على هذه الوثيقة وبحضور الزياني وجمال بن عمر, وهذا في نظري أفضل من دخول انتخابات بمرشح واحد. وبعيداً عن السخرية التي أصبحت الانتخابات القادمة موضوعاً مثيراً لها, كان على رئيس البرلمان وكتلة المؤتمر وكتلة المعارضة الاتفاق على قبول ملفات أقل المتقدمين بطلب الترشح حظاً من بين الذين قدمو ملفاتهم للتزكية, لضمان عملية انتخابية مقبولة, وهذا مايعتبره البعض التفافاً على نصوص المبادرة التي أيدت إجراء انتخابات يكون فيها هادي مرشحاً توافقياً ولم تقل بأنه مرشح وحيد, فهل احترمت الدول صاحبة المبادرة دستورنا ومبادئ الديمقراطية التي نفاخرهم فيها وأرادت لنا انتخابات جادة في الوقت الذي تسعى فيه الأحزاب المنوط بها الحفاظ على الدستور بالتحايل عليه من أجل استعادة زخمها الشعبي بعيداً عن تنافس حقيقي يختبر المؤتمر واللقاء المشترك فحولتهم فيها, بالمواجهة مع مرشحين لم تغلق المبادرة الباب أمامهم , ولأن احتمال فوز أي مرشح كان أمراً وارداً عند التوقيع على المبادرة وصياغة نصوصها , فإننا نتساءل: ماالذي يخيف الأحزاب التي تعتقد أن لها تأييداً كاسحاً من فتح المجال أمام مرشحين حقيقيين , خصوصاً وأن موقف الساحات الثورية الرفضة للمبادرة الخليجية ومايترتب عليها من حصانة لا يتجه نحو المشاركة في الانتخابات , بدليل عدم انخراط حركات وتنسيقيات الثورة بالدعوة للمشاركة في الانتخابات او الترويج لها حفاظاً على مطالب الثورة التي تتعارض مع المبادرة وتداعياتها , وبالتالي لامبرر لمخاوف سقوط المرشح التوافقي إذا ماقررت الأحزاب إعادة الاعتبار للدستور وتنظيم انتخابات تنافسية, لأن احترام الدستور بالضرورة يعني مستقبلاً مشرقاً لليمن. ولذلك على كل من يجد في نفسه الرغبة في منافسة عبدربه عليه التقدم بطلب ترشيح إلى البرلمان يرفق به ضمانة عدم الفوز ووثيقة تنازل بالمنصب لمنافسه هادي في حالة الفوز لا سمح الله.