صار اشتراكياً يعارض الإخوانيين حد الكراهية، كان إخوانياً يكره الاشتراكيين ويقاتلهم مع النظام؛ وقوفاً ضد كفاحهم المسلح أيام الجبهة بكل المحمولات العنفية للمرحلة. بين المرحلتين - أي منذ الحرب الباردة إلى ما بعدها حتى اليوم، وفي ظل كل التحولات الكبيرة خصوصاً في مسألة تخافت الحماس الأيديولوجي المندفع والمراجعات المهمة التي حصلت وصولاً إلى قيام اللقاء المشترك كحاضن وطني ضد النظام، وبالذات ضد كل التعبيرات الطائفية - امتاز بحسه المذهبي المتطرف فقط.. الحس الذي يقع خارج نطاق الفكرة الحزبية بما هي؛ تدعيماً للمشترك الوطني المفروض؛ إذ لا توجد أحزاب مذهبية في الأصل أو هكذا يفترض، كما ستجد الاشتراكيين والإخوانيين على السواء في اليمن زيوداً وشوافع، لا يجمعهم رغم كل اختلافاتهم الفكرية كما هو حاصل اليوم - بعد حالة كبيرة من الصراع الدموي والعداءات الثأرية بينهما - غير الانتماء للمشروع الوطني لا المذهبي بالطبع، على أن الحس المذهبي لصاحبنا لايزال يتفاقم فيه، وعلى نحو مروع حتى ليبدو مجرد بوق لمشروع لا وطني صغير لا أقل ولا أكثر. وللتذكير فإنه من منطقة شافعية، لكنه خاض في الزيدية ربما بإعجاب أو بإرث ما، حتى بلغ حداً متطرفاً في المغالاة النفسية يداريها بانفتاحات فكرية، أصبحت مفضوحة في زيفها جداً، في حين أنه أصبح مؤخراً يميل للحركة الحوثية التي خرجت من الزيدية ثم تجاوزتها إلى الاثني عشرية كأحدث مذهب - ظل يعمل سراً حتى تجاوز العلانية، رغم عدم تأكيد الحوثيين لذلك بشكل صريح - خارج نطاق المذهبين التاريخيين الأشهر.. طبعاً من حقه الاختيار، وأنا مع حريته في كل هذه القفزات، ولو كانت غير موضوعية مثلاً، خصوصاً وأن الحوثيين الذين ينادون بالمدنية ضمن من ينادي بها في ظل الثورة السلمية لم يتجاوزوا لذة الغموض التي تكتنفهم، وإذ استمروا يتحفظون على الحزبية كثيراً إلا أنهم لا يمثلون رقماً سياسياً، بقدر كونهم حركة مسلحة ملتبسة تتمركز في أقاصي البلاد على نحو دعوى دون جرأة الانتشار أفقياً وعمودياً بخطاب وطني في الأساس. عموماً فإن المهم في هذا كله هو أن يكون صاحبنا سعيداً، وبالذات إذا كان الأمر من أجل الحقيقة أو من أجل الخلاص الذي تستشعره سيكولوجيته التي حيرت كثيرين. الأغرب من ذلك مازال يؤكد موقفه من أحمد ويحيى وطارق وعمار بأنه مع فكرة التسامح حتى تكون الثورة نظيفة لا ضغائن فيها، بينما لايزال يشدد على أنه ما لم تتم محاكمة علي محسن فإن الأجيال ستحاكمنا، بالطبع هو ذا المنطق الذي لا يستساغ أبداً - بالنسبة لي على الأقل - إذ كان عليه أن يؤمن بالتسامح الذي يدعيه مع الجميع، أو حتى العكس، لكن مع الجميع أيضاً. وبالمحصلة.. تُرى أين ستستقر به تحولاته التي من الضد إلى الضد، هذا الزئبقي الذي من الصعب تصنيفه ببساطة.. السندباد الحزبي الثابت طائفياً؟!. [email protected]