نعتقد أننا في هذه المرحلة من مراحل التغيير في اليمن التي يسعى خلالها كافة أبناء هذا الوطن للعبور الحقيقي لا الوهمي نحو الولوج إلى الدولة المدنية ، ونحو تحقيق العدالة والمساواة ، والأمن والأمان والاستقرار .. لابد وأن نتحدث بكل شفافية لتحديد مكامن الداء ورواسب التخلف الموروثة حيثما وجدت وعلى أي شبر من ربوع بلادنا الغالية التي وصفها رب العزة بالبلدة الطيبة ، لما حباها سبحانه من نعم عمت الديار.. ومما يعانيه أبناء اليمن ما يواجهونه من عبث واستفزاز وأضرار معنوية ومادية في بعض الطرقات الطويلة التي تربط بين المحافظات ، كطريق صنعاء – الحديدة ، أحد أهم الطرق الحيوية بالجمهورية ، لما يشكله من أهمية على الصعيد السياحي والتجاري ، ولكثافة رحلات المسافرين عبره باستمرار .. وما يجري على هذا الطريق وغيره لا يُحتمل ولا يطاق ، حيث تعددت فيه النقاط والحواجز سواء الأمنية النظامية أو الشعبية غير النظامية ، وكثرت ( البراميل ) وتعددت الحواجز الأسمنتية والترابية والأحجار .. ولو سلمنا بضرورة تواجد بعض النقاط الأمنية النظامية ، فماذا يقال عن تواجد أضعاف أضعافها من الحواجز والبراميل غير النظامية المتراصة على طول الطريق ، حيث يوجد بين كل برميل وبرميل ، برميل آخر رفعت عليه قطعة قماش أو علَم ممزق مهترئ يسيء إلى مكانته الوطنية مما يبعث على الغيرة نحو تلك الاستهانة بالعلَم الوطني والاستهتار .. وبجانب كل برميل مجموعة من العتاة حاملي السلاح الناري الذين يتولون إيقاف المسافرين ، والتفتيش عن هوياتهم الشخصية دون وجه حق ، وتصنيفهم وفق ذلك مناطقياً ، وغالباً ما يتعرض العديد من المسافرين جراء ذلك للامتهان والأضرار .. فقد يُحتجز البعض مع وسائل نقلهم ، وقد يتم الاعتداء على البعض أو الإساءة إليهم دون أي ذنب لأسباب لا تعنيهم ، ومنها مشكلات الأراضي أوالثأر .. وفي أحسن الأحوال يتم نهب ( سياراتهم ) ومتعلقاتهم ثم تركهم أو ترك بعضهم ينصرفون بجلودهم قبل أن يتعرضوا لمكروه أشد وفق ما ستتخذه فرقة الغزاة من قرار .. وللأسف أن يصبح هذا الطريق العام وغيره مسرحاً للخلافات والخصومات القبلية، وربما الخلافات السياسية ، ومرتعاً للمتنفذين وقطاع الطرق الذين لا يجدون رادعاً ، ولا يفقهون معنى وأهمية نعمة أمن الوطن واستقراره ، ولا يعترفون لا بحقوق الإنسان ولا بحقوق الحيوان ، ولا يضعون للعلاقات الإنسانية أي اعتبار .. وكل ذلك بغي وفساد في الأرض حرمه الله جل جلاله في كتابه الكريم بقوله سبحانه ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين) ، فالبغي على الناس وعلى أموالهم وأكلها بالباطل سواء بالسلب أو بالنهب أو بأية طريقة غير مشروعة لأخذ المال بغير حق ، جرم كبير لما يسببه من مضار .. . فهو يشكل إفساداً للحياة ، حيث يولد الصراع والحروب ، ويجلب للمجتمع الهلاك والدمار .. بل ويمثل تفريطاً في التمسك بقيم الدين ، ومخالفة للمبادئ والتشريعات الإسلامية التي تدعو إلى المحبة والسلام وإلى الأخوة في الدين والإنسانية ، ومراعاة المحافظة على الحقوق والواجبات ، ومراعاة حق الطريق وحق الجوار .. كما تنهى عن الفساد بكافة أشكاله وأهمها ما يتعلق بالنفس والمال ، يقول الله تعالى ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ) ، ويقول سبحانه ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ) صدق العزيز الجبار ... ولا شك أن أولئك الخارجين عن القانون قد استغلوا الأحداث الأخيرة التي عمت البلاد للمطالبة بالتغيير ومحاربة الفساد ، استغلوها للتمادي في غيهم بالإضرار بالناس وبالأمن على الطرقات الطويلة ، مما عرض العديد من المواطنين الأبرياء والأسر الآمنة للأخطار .. ولهذا فالمصلحة العامة تحتم على القيادة وحكومة الوفاق الوطني المبادرة باتخاذ الإجراءات الحازمة الكفيلة بحماية المواطنين على تلك الطرقات الطويلة ، وعلى كل شبر من الأرض اليمنية ، وإيقاف الخارجين عن النظام والقانون عند حدهم بكل جدية وإصرار .. ليحل الأمن والاستقرار في ربوع بلادنا الغالية .. وحفظ الله يمن الإيمان والحكمة ، وكلنا أمل بمستقبل مشرق لهذا البلد الحضاري ، وشعبه الأصيل ، وتلك خلاصة القضية .