الفساد والمفسدون أصبحا حديث العامة هذه الأيام.. فلم نعد نعرف من هو الفاسد وما هو الفساد، فقد تعددت وسائل الفساد والنتيجة واحدة انفلات سياسي وإداري وتدهور اقتصادي وخلل أمني.. وكل ذلك يتطلب من حكومة الوفاق الوطني أن تحدد لها مساراً حقيقياً لمعالجة ظاهرة الفساد من جميع جوانبها السياسية والاقتصادية والمالية والإدارية والاجتماعية، فكل ما يحدث في وطننا الحبيب ما هو إلا نتاج حقيقي وواقع ملموس للفساد السياسي والذي ترتب عليه كل ما يجري في الوطن. إنني هنا أطالب حكومة الوفاق الوطني بسرعة اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة والناجعة للحد من جميع مظاهر الفساد وبالتحديد الفساد الإداري، فنحن في اليمن نمتلك الكثير والكثير جداً من المميزات والموارد الاقتصادية المتاحة وفي كافة الجوانب، ولكن ما يعيبنا حقاً هو استشراء الفساد الإداري وانعدام القيادات الإدارية المدربة وذات الخبرات العملية والعلمية الواسعة والقادرة على توظيف الموارد المتاحة لتحقيق أفضل النتائج المرجوة في التنمية الاقتصادية والعمل باهتمام لتخفيف أعباء المواطن الذي أصبح يعيش واقعاً معيشياً مؤلماً جداً، ولابد من اتخاذ الإجراءات العاجلة والسريعة للحد من تلك الأعباء التي تثقل كاهل المواطن الذي تحمّل ولا يزال يتحمّل الكثير والكثير في ظل انعدام الإجراءات الرادعة للحد من ظاهرة الفساد في جميع مرافق الدولة. يعتقد البعض أن الفساد يتمثل في قيادات المؤسسات والمكاتب فقط، وذلك غير صحيح لأنه مستشرٍ في جميع مرافق الدولة ومؤسساتها، فساد قاعدي ينشأ من القاعدة، فمعظم الوظائف الاعتيادية في كثير من المرافق والمؤسسات الحكومية ينخر فيها الفساد من القاعدة وليس من القمة لدرجة أصبح معها العلاج في الوقت الحاضر صعباً جداً، فإذا كان الفساد في الرأس فمن السهل جداً إزاحة الرأس بالتدوير الوظيفي وإنفاذ القانون الخاص بالتدوير الوظيفي قريباً كما نسمع وتحديداً في شهر أبريل القادم. لكن كيف سنقضي على فساد القاعدة..؟ فجميعنا يعلم علم اليقين أن الفساد المالي والفساد الإداري يكمن بشكل مباشر في الوظائف البسيطة والمتوسطة في مرفق حكومي ومعها يعجز من في رأس ذلك المرفق من اتخاذ الإجراءات الصارمة بحق أولئك الفاسدين خوفاً من النتائج المترتبة عن تلك الإجراءات التي طبعاً تصب جميعها في مصلحة العمل ومصلحة ذلك المرفق. قد يتفق معي الجميع أن إنفاذ قانون التدوير الوظيفي يتطلب أولاً تطبيقه على الموظفين الصغار وأصحاب السوابق في الفساد المالي والإداري لأي مرفق والاعتماد على الشخوص ذوي الكفاءات العلمية والعملية في الوظائف التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بمصالح الناس، وعندها سيدرك الجميع حقيقة بأن الفساد ليس في الرأس وإنما في القواعد، وبالتالي فلابد من تحديد المعايير الصحيحة لشغل الوظائف التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بحياة عامة الناس وتحقيق مصالحهم. لنبدأ أولاً بالتدوير الوظيفي للوظائف العادية والوظائف الإشرافية المتوسطة والتي تليها وفق معايير علمية وعملية تهدف إلى تحسن وتطوير الأداء لا إحباط المجتهد ووضع وسام النزاهة للقواعد الفاسدة، وعندها ستعرفون أن ما أقول حقيقة ومن واقع التجربة وأن النتائج ستكون إيجابية وأن التدوير للوظائف القاعدية سيسهم بشكل كبير في تحفيز رئيس المرفق لمزيد من العطاء والإبداع، وفي تصحيح المسار والسير مع قيادة تلك المؤسسات والمرافق من أجل النهوض بواقع الوظيفة العامة للدولة، وبالنسبة للقيادة العليا للمرافق والمؤسسات فما الداعي للتدوير الوظيفي إذا كان هناك فاسدون وعليهم إثباتات وأدلة، فهل القصد من التدوير الوظيفي هو تدوير الفساد أم ماذا، برأيي أن نبدأ أولاً بالخطوة الأولى وبعدها فكل رئيس مرفق أو مؤسسة يثبت فساده مالياً وإدارياً يتم إحالته للنيابة وإزاحته تماماً من المشهد الإداري والمؤسسي..فلسنا بحاجة إلى تدوير الفساد في أجهزتنا ومرافقنا ومؤسساتنا الحكومية.. وعلينا جميعاً أن نطالب برحيل الفساد ولا تدويره. في حال ثبت فعلاً فساد «س» أو «ص» من الناس وفي أي مرفق كان علينا جميعاً أن نشهر سيوفنا وسيوطنا في وجه الفاسدين الحقيقيين سواء كانوا في القمة أو القاعدة.. فالفساد فساد ولا يجب التهاون معه إطلاقاً وقبل خراب مالطا، ونعمل معاً من أجل بناء يمن جديد وعهد جديد خالٍ من الفساد والمفسدين.